لا أمل في بناء عقلية عربية تؤمن بالتسامح إلا عبر التنشئة والتربية والتعليم اليوم 24
قال محمد بنعيسى، وزير الشؤون الخارجية والتعاون سابقا أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، إنه لا أمل في بناء عقلية تؤمن بفكرة التسامح وتحترمها وتتقيد بها، إلا عبر وسيلة فعالة وناجعة، هي التنشئة والتربية والتعليم.
وأوضح خلال منتدى الفكر والثقافة العربية النسخة الـ 11 التي انعقدت تحت عنوان “التسامح و التعايش السلمي” من 8 إلى 10 مارس، بأبوظبي، أنه يتعين أن نبدأ من هنا، كي ننشئ ونصنع أجيالا عربية، مشبعة بمبادئ التسامح والتعايش، تحملها في عقلها وضميرها، وتنضبط لمتطلباتها، وتجعل منها خطا أحمر، في سلوكها الاجتماعي والمدني والسياسي.
إن المطروح علينا اليوم وبإلحاح، حسب الوزير الأسبق، هو كيف يمكننا أن نطور قيمنا ومدركاتنا وتصوراتنا ومناهجنا التربوية والتعليمية، حتى تصبح متناغمة مع قيم التسامح وثقافة التعايش، لأنها مع ثقافة الحوار والتواصل، هي الأساس الحقيقي والمتين، لكل حياة ديمقراطية، إذ لا ديمقراطية بدون إرساء قواعد التعايش بين أبناء الأمة الواحدة، وبينهم وباقي البشرية.
فالديمقراطية لا يمكن اختزالها فقط في الأحزاب والنقابات، والانتخابات ووجود برلمانات ومجالس وهيآت منتخبة، وإنما هي قبل كل شيء سلوك مدني، يقوم على مبادئ التعايش والتسامح، والتساكن والرحمة، ورسوخ القناعة بفضيلة تحمل الآخر والقبول به. ومن ثمة تصبح فكرة التسامح، نقيضا للعنصرية والتسلط.
وقال “إذا كان من المسلم به أن العمل على إرساء هذه الثقافة، هو من صميم عمل الحكومات والمؤسسات الرسمية بأقطارنا العربية والإسلامية، فإن هذا لا يعفي المواطن من مسؤولياته” في إشاعة قيم التسامح والتعايش مع غيره، سواء من أبناء وطنه الأم، أو زواره أو المرتبطين معه بعلاقات اقتصادية وتجارية، أو سياحية أو سياسية أو المنخرطين معه في تحالفات استراتيجية، اقتضتها ضرورة حماية السيادة الوطنية، وأمن البلاد وازدهارها، وتموقعها في صدارة دول العالم الوازنة، وهو ما يتمناه كل مواطن غيور على بلده ومصالحه العليا..
وأشاد بنعيسى بالمبادرات في المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة التي اتسمت بالشجاعة الفكرية، في الدعوة عبر كل الوسائل المتاحة، إلى إشاعة ثقافة التسامح والتعايش، سواء لدى المواطن، أو لدى المقيمين على أرضهما من مختلف الأجناس والديانات والثقافات. وهما بذلك يعطيان المثال ويجسدان القدوة، فيما يتعين علينا القيام به حكومات وشعوبا، من أجل تعزيز آليات الحوار بيننا ومع غيرنا، حريصين على حسن التواصل والتعايش والتفاهم، بين الأديان والأجناس والثقافات.
ونعتقد أن الدور الطليعي، الذي يضطلع به هذان البلدان الشقيقان، في خدمة تلك المقاصد النبيلة، كل بأسلوبه وخصوصيته، هو دور سيكون له أثره العميق، في مد الجسور، وتنمية ثقافة التسامح، وتعزيز مبادئ التعايش السلمي بين أبناء البشرية، من كل الأعراق والأديان والحساسيات الفكرية.