مسؤولية السائقين للوقاية من حوادث المرور
مرة أخرى مجزرة مرورية مروعة وقعت ببلادنا، الأسبوع الماضي، أودت بحياة أبرياء خرجوا من أجل التنزه والاستمتاع بجمال الطبيعة.. ويعد إرهاب وحوادث الطرق حربا مدمرة بمعدات ثقيلة تنزف بها الدماء وتستنزف فيها الثروات. وقد جاءت الدراسات والتحليلات تؤكد أن الاستهتار والعدوانية في القيادة هي السبب البارز في الكوارث المرورية التي تحدث في بلدنا الحبيب.
مما لا يختلف فيه أهل العقل والفطرة أن قوانين المرور التي تلزم الدول شعوبها بالانقياد لها وتطبيقها، هي من المصالح ومن أبواب الخير، ويجب على المجتمع ألا يتوانى ولا يتهاون في تطبيقها، “فالجميع مسؤول، قائد المركبة مسؤول، ورب الأسرة مسؤول، ورجل الشرطة مسؤول، فليعمل كل بحسب مسؤوليته، ولنتذكر جميعا قوله تعالى: {وقِفوهم إنهم مسؤولون}. ومما لاشك فيه أن هذه القوانين المنظمة لاستعمال الطرق العامة وضبط تحركات السائقين على الطريق، سبب من الأسباب التي تحقق النظام والإصلاح، وتمنع الفوضى، فإذا ما خولفت هذه القوانين نتج عنها مخاطر تهدد حياة الناس، يذهب ضحيتها آلاف الأشخاص سنويا.
إذا كانت وسائل المواصلات التي يستعملها الإنسان ضرورة من ضرورات الحياة، فلا بد من مراعاة السلامة في استعمالها والتعامل معها، والله سبحانه وتعالى قد مدح عباده الصالحين، فقال: {وعباد الرحمنِ الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما}.
ومراقبة الله سبحانه وتعالى والخوف منه والوازع الديني في قلب المسلم، صمام أمان لتطبيق هذه القوانين المرورية، وإذا غاب الإيمان والبعد العقدي عن عمل الإنسان، حدث التقصير، فلو استحضر المسلمون في قلوبهم وعقولهم مراقبة الله تعالى أثناء تحركاتهم وسيرهم في الطرقات، لما كنا نسمع عن كثير من هذه الحوادث والفواجع في طرقات المسلمين، ولسهُل العمل أيضا على شرطة المرور، ولهذا قيل: إن من علامة المراقبة “إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظم الله، وتصغير ما صغر الله”، ومما عظَّم الله: حرمة الدماء، وقتل نفس بغير حق، أو إيذاؤها؛ قال تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس}.
ومما استجد في هذا العصر وزاد حتى صار ضرورة الوقت وسائل النقل من السيارات والحافلات، إلا أن هذه الوسيلة وهي نعمة كبرى قد يساء استخدامها من قبل البعض، فكان من لوازم ضرورياتها أن يوضع نظام يضبط استخدامها ويحمل المسؤولية كلها لمستخدمها، إذ هي آلة في يده يتصرف بها كيف يشاء، فانحصرت المسؤولية في السائق.
إن الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ، والسائق مسؤول عما يُحدثه بالغير من أضرار، سواء في البدن أم المال، إذا تحققت عناصرها من خطأ وضرر، ولا يعفى من المسؤولية إلا إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وتعذر عليه الاحتراز منها.
وفي الحال التي يتقرر فيها أن المسؤولية على السائق، فإنه يلزمه الدية والكفارة، أما الدية فعلى عاقلته، فإن لم توجد فعلى بيت المال، فتؤخذ من الخزينة العامة. وأما الكفارة: فهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطيع الصوم لمرض أو كبر سقطت عنه.
ورد في الأثر: “أن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”، وغالبية المسلمين ملتزمون بالنظم والقوانين الضابطة لسواقة المركبات؛ ولكن هناك فئة من الناس قد تتصف بالغفلة أو اللامبالاة أو حتى الضلالة وقلة الدين، ولا ينفع معها التذكير والعظات، وإنما ينفع معها الزجر والعقوبات، ولذلك لا بد من التشديد في تطبيق القانون على المخالفين ممن يعرضون حياة الناس وأمنهم وقيمهم للخطر..
نحن بحاجة إلى حملة جادة وعاجلة للإصلاح، ووضع حد للاستهتار، وبدلا من ترك المواطنين يعيشون حالة من الخوف على الطرقات، لا بد من نقل هذا الشعور إلى المستهترين أنفسهم حماية لهم وللمواطنين وللمجتمع.
ومن أهم التوصيات والنصائح التي نقدمها في هذا الموضوع: ضرورة تأهيل السائق للقيادة تأهيلا جيدا لعملية القيادة، ويشترط في سائقي الحافلات والشاحنات والمقطورة السن الكبير وة الكافية. وإن عامة أسباب الحوادث يمكن تلافيها، فمنها تسليم السيارات لصغار السن، فهلا حزمنا أمرنا وكنا صارمين مع من ولانا الله رعايتهم فنمنعهم من القيادة إن رأينا منهم عبثا. كذلك يجب على السائق أن يكون في حالة صحية طبيعية سليمة تجعله قادرا على القيام بالحركات المعتادة، والطبيعية. مع الحرص على الصيانة الدورية للسيارة وذلك من خلال بعض الأمور مثل تفقّد الإطارات والفرامل، والتأكد من أنهم بحالة جيدة وسليمة، وكذلك جانب تفقد المحرك، وأيضا عمل صيانة دورية له. وكذلك الابتعاد عن المشتتات أثناء القيادة وذلك من أجل تجنب وقوع الحوادث المرورية، وذلك من خلال الابتعاد عن استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة، أو حتى إرسال الرسائل النصية خلال القيادة.
ومن أهم النصائح الواجب أخذها في الاعتبار أخذ الحذر والحيطة في حالات الطقس السيئة، وتجنب قيادة السيارة في الثلج نهائيا، خاصة سيارات الدفع الخلفي.