الشهيد إبراهيم مجذوب.. شجاعة استفزت رصاص الانقلابيين
الشهيد الطفل إبراهيم مجذوب، عاش حياة قصيرة، لكنها كانت مليئة بالشجاعة والمواقف، حتى لحظة سقوطه برصاص العسكر الانقلابيين، وأذكت نار الثورة السودانية التي لايزال يمهرها الشباب بدمائهم في مواجهة آلة القمع.
التغيير الخرطوم: فتح الرحمن حمودة
بملابس المدرسة الثانوية، خرج الشهيد «إبراهيم مجذوب» من فصل الدراسة إلى ساحات الثورة، للمشاركة في موكب 28 فبراير 2023م الذي اختار له الثوار مسمى «ختام المهزلة» في معركة غير متكافئة، ومستمرة ضد انقلاب قائد الجيش السوداني عبد الفتاح الذي بدأ في 25 اكتوبر 2021م، ولم يكن يعلم أن رصاصة الانقلاب ستزفه شهيداً، وإن كان مستعداً لهذا الخيار بصدر عارٍ وقلب شجاع.
إبراهيم الذي أحب وطنه ورغم صغر سنه كانت تدفعه روح الثورة وحلم الوطن الحر، للمشاركة في الموكب تلو الموكب حتى آخر مشاركة مردداً الهتاف الأثير «حرية، سلام وعدالة».
رحلة قصيرة
إبراهيم مجذوب ولد في العام 2006م بالعاصمة الخرطوم وتلقى تعليمه الأساسي بالمعاهد البريطانية حيث ظل يحرز فيها المرتبة الأولى إلى أن وصل الصف الثامن ليحرز فيه مجموع «252» درجة.
ثم انتقل إلى المرحلة الثانوية لتلقي تعليمه في مدارس «الإبداع» التي درس فيها الصف الأول والثاني، لينتقل بعدها إلى «المعاهد التركية» والتي بدأ فيها بدراسة الصف الثالث ليبرز من خلالها تفوقه في امتحانات الفترة الأولى، ولكن توقفت الرحلة هنا.
وفي يوم الثلاثاء 28 فبراير الماضي تحرك «إبراهيم» ابن الـ«17» عاماً بعد أن أكمل حصصه الخاصة ليلتقي برفاقه بالقرب من مستشفى «شرق النيل» مرتدياً الزي المدرسي وحاملاً حقيبته ويبدأ بالمشاركة في الاحتجاجات السلمية في الصفوف الأمامية مع رفاقه الثوار مندّدين بالانقلاب ومطالبين بالحكم المدني.
كان صوته عالياً وشجاعته بائنة، ولم يكن هياباً لمواجهة العسكر حتى ارتقت روحه على يد القتلة برصاصة اخترقت صدره عن قرب رافعاً علامة النصر، تلك الرصاصة التي استقبلها الطفل «إبراهيم» بصدر مفتوح وبكل بسالة لم تكن تبصر لتتراجع وتعتذر عن اغتيال الغد والمستقبل الجميل، فسقط جسده النحيل ولم تسقط روحه الشجاعة التي شهدت على جبن القتلة وخوفهم من تلك الروح المقاومة، وإنما منحت الثوار مزيداً من الزاد لمواصلة المسير.
استشهاد الثائر «إبراهيم»، كان جريمةً مكتملة الأركان، بل موثقة شاهدها العالم بأسره وهي تؤكد مدى ثقة قوات الانقلاب في الإفلات من العقاب رغم قتلهم المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي وفي وضح النهار.
صانع الضحكة
تحكي سيرة حياته القصيرة، عن ملامح شخص لطيف ومحبوب، كان الشهيد «إبراهيم» صانعاً للضحكة في منزله فقد كان بشوش أسرته وروح رفاقه المبتسمة والمفعمة بالحيوية التي تتسامى وتهيم عشقاً بالوطن الذي ظل متشبثاً به مع رفاقه الثوار في سبيل تحقيق شعارات ثورتهم وأهدفها، فكان دائماً يردد لوالدته مقولته «لو ما بنينا السودان ح يبنيهو منو؟».
قال عنه والداه إن «إبراهيم» كان من ضمن الشباب الذين فجروا ثورة ديسمبر المجيدة وظلت مشاركته في الحراك منذ انطلاقة شرارة الثورة.
ولـ«إبراهيم» شخصية مستقلة وقيادية منذ صغره وهدف واضح لطريقه السياسي، فكان يعرف ماذا ومتى يطلب، كما أنه عندما يتخذ قراراً لا يتراجع عنه، وكان محباً للوطن وعلم السودان الذي يحمله دائماً ولا يفارقه حتى كُفن به بعد أن ارتقت روحه برصاص الانقلابيين.
حلم لم يكتمل
كان حلم والدي «إبراهيم» بعد أن يجلس لامتحانات الشهادة السودانية هذا العام، أن يسافر لدراسة مرحلته الجامعية خارج البلاد حيث يدرس شقيقه الأكبر «أحمد»، والذي كان قد وعده سلفاً بأنه سيرتب له إجراءات سفره حتى يواصل تعليمه الجامعي بصحبته في دولة تركيا، بعد أن يكمل عامه الدراسي.
لكن القدر كان سباقاً ولم يكتمل الحلم، وارتقت روح الشهيد الطفل إبراهيم برصاص الانقلاب، وحتماً سيأتي يوم تنتصر فيه ثورة السودانيين ويعاقب كل من قتل بطلاً أو كان سبباً في ذلك، وسيظل «إبراهيم» ورفاقه الشهداء الأبطال قصصاً ملهمة للسودانيين من أجل وطن حر وديمقراطي.
المصدر: صحيفة التغيير