الرأسمال المهني بالمغرب لا يساهم فـي النمو الاقتصادي وتعزيز التنافسية الدوليـة (المجلس الاقتصادي والاجتماعي)
قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إنه على الرغم من المؤهلات المهمة التي يزخـر بهـا المغـرب فـي مجـال الرأسمال البشري، خاصـة علـى مستوى الهرم الديموغرافي، وكذا جهوده المبذولـة مـن أجـل الـرفـع مـن أمـد الحياة وتقليص معدل الفقـر وتعميم التمدرس وتقليص الفوارق المجالية والمساواة بين الجنسين، إلا أن الرأسمال البشري الحالي المتواجـد فـي الوسط المهنـي تشـوبه مجموعـة مـن النواقـص فيما يتعلـق بالـتأهيل والتكوين والتخصـص، والقدرة على الابتكار.
وشدد المجلس في إطار إحالـة ذاتية تطرق فيها إلى موضوع الرأسمال البشري بالمغرب في الوسط المهنـي، على أن هذا الأخير، بات لا يساهم على النحو الأمثل فـي النمو الاقتصادي للمغرب وتعزيز تنافسيته الدوليـة فـي سـلاسـل القيمـة العاليـة، ممـا يطـرح التساؤل حـول مـدى قـدرتـه عـلـى رفع التحديات الآنيـة والمستقبلية أمام التحول الرقمي والتكنولوجـي والتغيرات المناخية وتحقيق التنمية المستدامة والعادلة والشاملة.
حسب رؤية المجلس، فقد كـشـف تحليل وضعية الرأسمال البشـري، سـواء فـي القطاع العام أو الخاص، عـن وجـود عـدة أوجـه قصـور، تعود بالأساس إلى ضعـف الـوعـي بأهمية العنصر البشري في بيئة العمل.
وفي هذا السياق، لاحظ المجلس، أن دور العامليـن غالبـا مـا ينحصـر في تنفيذ المهام والعمليات ولا يتطـور، إلا نـادرا، نحـو دور شـريك يسـاهـم فـي تحسين المردودية.
وتعزى صعوبة تجسيد هذا الانتقال حسب تقرير مجلس الشامي، أساسا إلـى عـدم استحضار المشغل، سـواء فـي القطـاع الـخـاص أو العمومي، لمفهـوم الرأسمال البشري بشكل ممنهـج، علـى غـرار الرأسمال المـادي أو التكنولوجـي.
وكشف المجلس أيضاً، عدم ملاءمة مستوى التعليم والتكوين الأساسي بالقدر الكافـي مـع حاجيات سـوق الشغل. ويعد غياب منظومة ملائمة للتعلـم مـدى الحيـاة عقبة أمام اندماج الأفراد في الوسط المهنـي .
مـن جهـة أخـرى، وباستثناء التكوين المستمر الذي يوفـره المشغل، والذي يعانـي مـن عـدة اختـلالات، تلجـأ قلـة مـن الأفراد إلى التكويـن الفـردي، يضيف المجلس .
ونبه المجلس إلى ضعف الاستثمار فـي تجويـد بيئة العمل وفـي تـوفـيـر ظـروف مواتية لتحقيق رفـاه العاملات والعاملين، تنبني على التكوين والتطوير والتقدير، تضمن حقهـم فـي الـعـمـل الـلائـق والآمـن والتدبيـر القـائـم علـى الإنصات والمواكبـة والـدعـم فـي القطاعيـن الخـاص والعـام مـن أجـل المساهمة فـي تكويـن رأسـمال بشـري منتـج ومبدع وفعال ومنخرط فـي دينامية تحقيق تنميـة دامجـة ومستدامة للبلاد .
ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن طمـوح المغرب في أن يصبح بلـدا صاعدا وتنافسيا، ويعزز مكانته في سلاسل قيمة ذات القيمة المضافة العالية على الصعيد العالمي، ويضمن تموقعه على المستوى الإقليمي، ويحافظ على ريادته على الصعيد الإفريقي، وينجح في انتقاله الأخضر والرقمي، يتطلب مواكبة وتأهيل الرأسمال البشري حتى يرقى بمستوى مهاراته وكفاءاته وقدرته على الإبداع، وقابليته للتلاؤم مـع متطلبات سوق الشغل، والتكيـف مـع سـرعة التغيرات المطردة، من خلال وضع منظومة متكاملة لتطوير الكفاءات والتعلم مدى الحياة تمنح للأفراد إمكانية استدراك مسارهم التعليمي الأساسي واكتساب مهارات وكفاءات جديدة في تخصصات واعدة، وتجديد رصيدهم المعرفي والمهني، والانخراط في مسلسل التطوير والابتكار، بالإضافة إلى تطويـر تدبيـر للـمـوارد البشرية في جميع الأوساط المهنية، يكون قائما على التقدير والتحفيز والجدارة والتقييم الشفاف للأداء والمواكبة.
وفي هذا الصدد، دعا المجلس إلى إرساء العمل اللائق حسب الاتفاقيات المنبثقة من منظمة العمل الدولية في هذا المجال، ووضع إطار تحفيزي يساعد المقاولات على تحسين جاذبية بيئة العمل وخلق فضاء مواتي للإنتاجية والتنافسية والإبداع، في أفق تحقيق رفاه الأجراء والموظفين.
وطالب المجلس، بوضع منظومة متكاملة لتطوير الكفاءات والتعلم مدى الحياة تمنح للأفراد إمكانية استدراك مسارهم التعليمي الأساسي واكتساب مهارات وكفاءات جديدة في تخصصات واعدة وتجديد رصيدهم المعرفي والمهني والانخراط في مسلسل التطوير والابتكار للتربية والتكويـن، لأن له دور استراتيجي فـي إعـداد ساكنة مؤهلـة ومتعلمـة بالقدر الكافـي تساهم بشكل فعـال ومنتـج فـي تحقيـق تنمية مستدامة، قادرة على الصمـود وقائمة على الابتكار تمكـن بدورهـا مـن تحسين جـودة الحياة والصحـة وتحقيق الازدهار الذاتـي والـرفـاه الاجتماعـي.
المصدر: اليوم 24