أكاديمية المملكة المغربية تناقش واقع وآفاق الموروث الشفهي الإفريقي
تواصل أكاديمية المملكة المغربية العناية بالتراث المادي واللا مادي الإفريقي، لإبراز مكامن قوته ومزاياه، وتسليط الضوء على الإكراهات التي تواجهه، وذلك في إطار أنشطة “كرسي الآداب والفنون الإفريقية” الذي أحدثته أواخر شهر مارس من السنة الفارطة.
وتحتضن أكاديمية المملكة المغربية، ابتداء من الأربعاء، وإلى غاية يوم الجمعة المقبل، ندوة دولية تحت عنوان: “الثقافة الشفوية، سجلّ متميز للتخاطب في إفريقيا أم حاجز لها؟”، سيحاضر فيها نخبة من الباحثين والخبراء المهتمين بالموروث الثقافي اللامادي، من المغرب ومن خمس دول إفريقية.
ومن الأسئلة الكبرى التي سيحاول المشاركون في الندوة الإجابة عنها: “هل السرد الشفهي يمثل جسرا تواصليا أم قطيعة في خضم التطورات التكنولوجية وزمن مواقع التواصل الاجتماعي؟”.
وتفتح أكاديمية المملكة النقاش حول الموروث الشفهي الإفريقي، في وقت تتعالى المخاوف من انقراض هذا الموروث، أو تَواريه على الأقل، بفعل تنامي استخدام منصات التواصل الاجتماعي، التي أضحت تُستخدم في التواصل بين الناس.
عبد الحق الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية، أثار هذه النقطة في الكلمة الافتتاحية للندوة، بقوله إن “الشبكات الاجتماعية تزعج المقاربة والطريقة التي كان يتم بها نقل الكلمة قبل ظهور وسائل التواصل الحديثة، إذ كانت تمر عبر قناة الشفاهة”.
وتوقف الحجمري عند الغنى والتنوع الذي يزخر به الرصيد الفكري الذي تحفل به القارة الإفريقية، مشيرا إلى أن “التنوعات الموسيقية الإفريقية التي تبلورت في الأرياف تمخضت عنها أنماط متنوعة من الإيقاعات، مثل الجاز والبلوز، إضافة إلى أنماط من الشعر الحضري”.
وأبرز أمين الدائم لأكاديمية المملكة المغربية أن مناقشة موضوع “الثقافة الشفوية، سجلّ متميز للتخاطب في إفريقيا أم حاجز لها؟” دعوة إلى “التعبير بكل قوة عما نعرفه عن أنفسنا”، غير أنه نوّه إلى ضرورة ألا يُفضي ذلك إلى الانغلاق على الذات، مذكّرا بعدد من ساحات التجمع التي كان يجري فيها التفاعل السياسي والثقافي والفكري في عدد من العواصم الأوروبية، كساحة الكونكورد بباريس، وأكورا باليونان…
كما لفت الحجمري إلى أن “أكاديمية المملكة المغربية هي مكان لتبادل الأفكار والنقاش والحوار، تهتم بالماضي ومنفتحة على تحديات العالم المعاصر، كما تعمل على مد جسور الحوار مع الدول الإفريقية الصديقة للمغرب، ولهذا تم خلق كرسي الآداب والفنون الإفريقية”.
من جهتها قالت نجيمة طايطاي، أستاذة التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “القارة الإفريقية متميزة بموروثها الشفهي الواسع”، لافتة إلى أن “المرويات والسرديات تشكل جسرا للتواصل ولتفعيل قيم التسامح والحوار”.
وأضافت رئيسة المهرجان الدولي “مغرب الحكايات”، في تصريح لهسبريس، أن “العالم انتبه، في خضم العولمة التي كسرت كل الحدود، إلى ضرورة العودة إلى ما تزخر به ثقافات الشعوب من موروث يعكس قيمها، وعدم ربط التراث الشفهي بما يجري تداوله فقط في المجالس ‘الشعبوية’”.
ونوّهت طايطاي إلى أن “النظرة التي كانت سائدة تجاه القارة الإفريقية، بكونها تعتمد فقط على الثقافة الشفهية، ينبغي أن تتغير، بعدما تبين أن الموروث الشفهي هو مصدر أساسي لتوثيق التاريخ ولربط العلاقات الدبلوماسية، وكونه رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتطور السياسي للبلدان”.
المصدر: هسبريس