ائتلاف ينادي باستعجال إخراج “قانون الجبل” بالمغرب.. وينتقد “التدخل الموسمي”
بعد توالي “نداءات استغاثة” أطلقها الرُّحَل العالقون وسط كثافة الثلوج في مناطق أطلسية مختلفة بالمغرب، خرج “الائتلاف المدني من أجل الجبل” بالمغرب بمطالب صريحة وواضحة ومستعجلة إلى الحكومة المغربية، داعياً إياها إلى “سنّ وإقرار قانون الجبل”، ومنتقداً بشدة “سياسة التدخل الموسمي المحدود جغرافياً والمتأخر زمنياً”.
ورغم تثمينه عمليات التدخل الميدانية، التي همّت أساساً توزيع المساعدات الغذائية والمستلزمات الطبية وفك الطرقات، مع إشادته بـ”جهود كبيرة للسلطات العمومية المحلية بمختلف تلاوينها وفئاتها” خلال موسم شتاء عرف تساقطات ثلجية استثنائية ببعض المناطق، شدد “ائتلاف الجبل” على أهمية “سياسة تنمية مستدامة وعادلة في المناطق الجبلية المغربية، لأن الحفاظ على الجبل حفاظٌ على مصلحة وطنية بكل أبعادها البيئية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها”.
وكشف أعضاء الائتلاف المدني المذكور، خلال ندوة صحافية اختاروا تنظيمها مساء اليوم الثلاثاء (28 فبراير 2023) من العاصمة الرباط لإسماع صوتهم، عن “إعدادهم حالياً ملتمسا تشريعيا سيشرع في جمع 20 ألف توقيع من ساكنة جبال المغرب” قصد التقدم به للبرلمان بغرفتيه ولجانه المعنية.
بالموازاة، أكد “ائتلاف الجبل” استمرار عمله في إطار ديناميته الترافعية منذ 2015، من أجل “تقديم مذكرة مفصلة تتضمن عريضة بـ 4 آلاف توقيع إلى الحكومة المغربية، لمطالبتها بمقاربة استباقية على مدار السنة تجاه ساكنة الجبال”، لافتا إلى أن “جهود الترافع تشريعياً أثمرت لقاء مع رئيس لجنة المالية بمجلس النواب، عُقد هذا الأسبوع وعرف تفاعلا إيجابياً مع مطالب الائتلاف من طرف البرلماني المنتمي إلى الحزب القائد للأغلبية الحكومية”، وذلك على لسان الحسين المسحت، عضو السكرتارية الوطنية للائتلاف المدني من أجل الجبل، جواباً عن سؤال لجريدة هسبريس خلال الندوة.
وأكد المسحت، في حديثه أمام وسائل الإعلام، أنه “بقدر كثافة الموارد والمؤهلات في جبال المغرب بقدر ما تواجه كثافة الإشكالية والخصاص والتهميش”، مشيرا إلى “تنوع لغوي وثقافي وخزّان تاريخي وتراثي كبير تحتضنه المناطق الجبلية المغربية”.
وحمّل الفاعل المدني نفسه مسؤولية تردي أوضاع الجبال وتهميش ساكنتها، مع ارتفاع ملموس في الهجرة منها، لـ”الحكومة ومجالس الجهات والعمالات والأقاليم”، موردا ضرورة “انخراط الجماعات الترابية والقطاع الخاص في الحد من التفاوتات المجالية بالجبال”.
من جانبه، أورد محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل، خلال فعاليات الندوة الصحافية ذاتها، معطيات تظهر أهمية الجبل في المنظومة الإيكولوجية والتوازن البيئي والطبيعي للمملكة، قائلا: “جبال المغرب تتضمن 62 في المائة من غابات البلد، وتختزن 58 في المائة من احتياطيات المخزون المائي؛ إلا أن مساهمتها الاقتصادية في الناتج الإجمالي لا تتجاوز 5 في المائة”؛ قبل أن يصف ذلك بـ”المفارقة الصارخة”.
“الجبل ليس عنواناً للبؤس”
“لا نبخّس الحكومة والسلطات مجهوداتها.. كما أن الدفاع عن الجبل وقاطنيه ليست شوفينيّة”، يسجل الديش، معددا أن “المصلحة العامة للبلاد وتقدمها رهين بتنمية الجبال وضمان تمتع ساكنتها بحقوقهم الأساسية”، وزاد: “لا نطالبُ بأكثر من هذا. كما أن الجبل ليس عنواناً للبؤس”.
وأوضح الفاعل المدني المدافع عن أوضاع الجبال أن “مقاربة الائتلاف المدني تنبع من منطق الترافع العقلاني والمتدرج والفاعل”، نافياً أن تكون “مقاربته احتجاجية”.
وجواباً عن سؤال بشأن تقييم الائتلاف التدخلات والتدابير العمومية الأخيرة المتخذة عبر برامج متعددة، أكد الديش أن “برامج الحكومة لم تكن كافية، رغم تدعيمها بجهود متطوعين شباب ومبادرات مواطِنة محلية لم ترْقَ بعد إلى سد الخصاص الحاصل في الأوضاع بالمناطق الجبلية النائية”، مستحضرا مثال جبال بويبلان وبولمان وأزيلال.
“معدل الفقر بالجبال المغربية يصل إلى ضِعف المعدل الوطني”، يورد الديش في معرض حديثه، مضيفا أن “معدل الفقر متعدد الأبعاد مرتفع بين 15 و80 في المائة في أغلب المناطق الجبلية”، وزاد مستدركاً: “رغم ذلك مازالت ساكنة الجبال تبتهج بقدوم الثلوج وتحمَد الله على تساقطها رغم ما تفضي إليه من أوضاع مزرية على مدار السنة تقريبا”.
وتستهدف العريضة المعتزَم تقديمها إلى الحكومة، حسب ما علمته هسبريس، “ملاءمة السياسات العمومية والبرامج القطاعية وضمان التقائيتها بخصوص الجبل وساكنته، مراعاة لمضامين خطة الأمم المتحدة الخماسية للتنمية الجبلية المستدامة بين 20222027″.
كما انتقد الائتلاف ما وصفه بـ”عدم تخليد الحكومة المغربية لسنة 2022 التي اعتبرتها الأمم المتحدة سنة دولية للجبل”.
وشكلت الندوة حسب منظميها فرصة لـ”إسماع الترافع لدى الفاعلين الحكوميين، وصانعي السياسات على المستوى الوطني، للمزيد من العمل الجدي بشأن تنمية الجبال عبر تفعيل آلية التشريع الملائمة لخصوصية المناطق الجبلية، وسن سياسات عمومية تتيح فرص أكبر لتعبئة الموارد الضرورية”.
المصدر: هسبريس