جزيرة “لا بالما” الإسبانية تحلم باستعادة الإقبال السياحي
تقع “لا إيسلا بونيتا” في المحيط الأطلسي ضمن مجموعة جزر الكناري، وقد اشتهرت منذ فترة طويلة بمناظرها الطبيعية الخلابة وطبيعتها البكر وكرم سكانها المحليين وحسن ضيافتهم ومناخها المعتدل، حتى في فصل الشتاء.
وتراجعت أعداد زائري جزيرة “لا بالما الجميلة” جراء تفشي جائحة فيروس كورونا، وثوران البركان الكبير الذي أطلق عليه اسم “تاجوجايتي” والذي تسبب في حالة من الدمار استمرت بداية من شتنبر الماضي وحتى قبل عيد الميلاد (الكريسماس) بقليل.
وبعدما كان هناك الكثير من الراغبين في قضاء العطل يأتون من قبل لمعاينة المشاهد المرتبطة بالبركان في الجزيرة، فإن الصور التي عرضتها شاشات التلفزيون للحمم البركانية المنصهرة أثناء تدفقها بين المنازل والمدارس ومزارع الموز أبقت الزائرين بعيدا عن المكان.
أما الآن، فتعتمد حكومة الجزيرة على جذب المزيد من الراغبين في قضاء العطل أكثر من ذي قبل، كجزء من الجهود المبذولة لإعادة إعمار الجزيرة.
ويقول راؤول كاماتشو، مسؤول السياحة في الجزيرة، إن السياحة تعتبر مصيرية من أجل ميلاد “لا بالما” من جديد؛ بينما أعرب عن وجود مخاوف بين سكان الجزيرة المحليين من خروج القوة الدافعة لتنشيط السياحة في المكان عن نطاق السيطرة.
وهناك مثال واضح يوجد على مرمى البصر من “لا بالما”، وهو جزيرة “تينيريفي” المجاورة لها، بفنادقها الضخمة التي تعج بالزائرين، حيث يذهب إلى هناك نحو 5 ملايين سائح سنويا.
ويعد عام 2017 هو الأفضل حتى الآن من حيث قطاع السياحة في “لا بالما”، حيث استقبلت الجزيرة في هذا العام نحو 300 ألف زائر. أما بعد الأضرار الناتجة عن تفشي جائحة كورونا وثوران البركان، فقد بدأ قطاع السياحة للتو في إظهار علامات على التعافي.
ويفضل سكان شمال أوروبا عادة قضاء العطل في الجزيرة، هربا من الشتاء القارس في بلادهم. وبينما يشكل البريطانيون أكبر نسبة من الزائرين في جزيرتي الكناري الأكبر حجما، جران كناريا وتينيريفي، فإن معظم زائري “لا بالما” عادة ما يأتون من ألمانيا، وفي عام 2019، شكلوا 40 في المائة من بين كل زائري الجزيرة.
ولا يهتم السائح النمطي لجزيرة لا بالما في المقام الأول بالاستمتاع بحمامات الشمس على الشاطئ، أو بالحياة الليلية، أو حتى التسوق، حسب ما تقوله حكومة جزر الكناري. وتعمل الجزيرة، بدلا من ذلك، على جذب الزوار الأكثر نشاطا الذين يرغبون في التنزه بين مظاهر الطبيعة البكر بصحبة مرشدين تأخذهم إلى أماكن البراكين المنقرضة، أو القيام برحلات بالقوارب لمشاهدة الحيتان والدلافين، أو استكشاف العالم تحت الماء أثناء الالتحاق بدورات للغوص.
وكان الكثيرون من السكان الأصليين والغزاة الإسبان يترددون، على مدار قرون، على منبع ماء “فوينتي سانتا” الشهير في جنوب الجزيرة، بغرض الاستشفاء. ثم تسبب المنبع في جلب الخير والرخاء للجزيرة، بعد أن صار الزائرون الأثرياء القادمون من أماكن بعيدة يقبلون عليه لعلاج أنفسهم من أمراض مثل الزهري والجذام.
ولكن في عام 1677، ثار بركان سان أنطونيو ودفن “المنبع المقدس”. وظل سكان الجزيرة يبحثون عنه لمدة 300 عام، بلا نتيجة، ولم يتمكنوا من تحديد موقعه إلا في عام 2005، من خلال إجراء اختبارات حفر. وسوف يتم، في الوقت الحالي، بناء حمام حراري هناك لجذب الزائرين الأثرياء إلى المكان من جديد.
ومن جانبه، فإن جوستافو دياز، الناشط البيئي والفنان، تساوره الشكوك بشأن ما إذا كان المشروع غير كبير بالقدر المعقول، ولا يأخذ بعين الاعتبار المناظر الطبيعية الخلابة في الجزيرة.
وقال دياز بنبرة حزينة من منزله الصغير في فوينكالينتي: “إننا في سباق ضد تغير المناخ. إننا، ببساطة، نستنزف الكثير من الطبيعة، وصارت القاذورات تصل إلى كل شيء ببطء”. ومن الممكن ملاحظة ذلك من خلال الفضلات البلاستيكية والمعدنية الموجودة على الشواطئ المحلية وعلى الساحل الصخري.
ويقوم دياز بتنظيم حملات تنظيف مع المجتمع المحلي وسلطات المتنزهات والجهات الراعية، ويدعو المتطوعين من خلال صفحته على “فيسبوك” إلى المشاركة في الحملة.
وأفاد: “لقد جمعنا مؤخرا 11 طنا من حطام السفن، الذي يشمل الكثير من النفايات البلاستيكية والأخشاب الطافية، بمساعدة 15 متطوعا على الشاطئ على مدار ثلاثة أيام”، مضيفا أنه “يُرَحَب بانضمام الزائرين إليهم أيضا، حيث سيكون الأمر عبارة عن سياحة بيئية”.
المصدر: هسبريس