لماذا يزداد شعورك بالجوع في الطقس البارد؟

مع حلول فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يلاحظ الكثيرون زيادة ملحوظة في شعورهم بالجوع والرغبة في تناول المزيد من الطعام، خاصةً الأطعمة الدافئة والغنية بالكربوهيدرات. هذه الظاهرة، التي تساهم في زيادة الوزن لدى البعض خلال هذه الفترة، لا ترتبط بشكل مباشر بالبرد وحده، بل تتأثر بعوامل بيولوجية ونفسية معقدة. فهم أسباب جوع الشتاء يساعد على إدارة الشهية بشكل أفضل وتجنب الإفراط في تناول الطعام.

يقول الخبراء إن قصر النهار وتغيرات الساعة البيولوجية تلعب دوراً أكبر في زيادة الشهية خلال فصل الشتاء مقارنةً بانخفاض درجة الحرارة. هذه التغيرات تؤدي إلى اضطرابات هرمونية طفيفة تؤثر على تنظيم الشهية والمزاج، مما يدفع إلى البحث عن الراحة في الأطعمة.

العوامل البيولوجية والنفسية وراء جوع الشتاء

تشير الأبحاث إلى أن الجسم قد يحتاج إلى طاقة إضافية في الطقس البارد للحفاظ على درجة حرارته الداخلية، ولكن الأدلة على أن هذا يؤدي إلى زيادة كبيرة في الشهية ليست قاطعة. وبحسب علماء الأعصاب التغذويين، فإن التغيرات في التعرض لأشعة الشمس هي المحرك الرئيسي لزيادة الرغبة في الأكل.

انخفاض مستويات فيتامين (د) الناتج عن قلة التعرض للشمس يمكن أن يؤثر على المزاج والشهية، مما يزيد من الرغبة في تناول الأطعمة التي توفر سعرات حرارية سريعة. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي قصر النهار إلى اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية، مما يؤثر على الهرمونات المنظمة للشهية مثل الجريلين والليبتين.

الدكتورة كريستال ويلي تؤكد أن التغيرات النفسية المصاحبة لفصل الشتاء، مثل الشعور بالحزن أو الكآبة بسبب قلة ضوء النهار، يمكن أن تدفع الدماغ إلى البحث عن التعويض من خلال تناول الطعام، مما قد يؤدي إلى الإفراط في الأكل.

تأثير اضطراب الساعة البيولوجية على الشهية

تعتبر الوجبات بمثابة إشارات زمنية للجسم، وعندما تكون الأنماط غير منتظمة، خاصةً في غياب إشارات الضوء القوية، يتفاقم اضطراب الساعة البيولوجية. هذا الاضطراب يزيد من احتمالية الشعور بالرغبة الشديدة في تناول الطعام أو اضطراب الشهية بشكل عام خلال أشهر الشتاء. تناول العشاء في وقت مبكر قليلاً وخفيف يمكن أن يساعد في إعادة ضبط الساعة البيولوجية للجسم بعد تغيير التوقيت الشتوي.

استراتيجيات للتعامل مع جوع الشتاء

للمساعدة في كبح جماح الرغبة الشديدة في تناول الطعام خلال فصل الشتاء، ينصح الخبراء ببعض الاستراتيجيات البسيطة والفعالة. من أهم هذه الاستراتيجيات التركيز على تناول وجبات غنية بالبروتين والألياف، حيث تساعد هذه العناصر الغذائية على الشعور بالشبع لفترة أطول.

بدء اليوم بوجبة إفطار غنية بالبروتين، وإضافة الألياف إلى كل وجبة، مثل الخضروات والفواكه والبقوليات، يمكن أن يقلل من الإفراط في تناول الطعام. كما أن شرب الماء أو شاي الأعشاب قبل الوجبات يمكن أن يساعد على الشعور بالشبع وتجنب الخلط بين العطش والجوع.

استخدام التوابل مثل الفلفل الحار والزنجبيل يمكن أن يزيد من الشعور بالشبع ويقلل من الشهية بشكل طفيف. أظهرت الدراسات أن إضافة الفلفل الحار إلى الوجبات يمكن أن يقلل من كمية الطعام المتناولة بنسبة تتراوح بين 11% و 18%.

أكثر من مجرد السعرات الحرارية

التحكم في الشهية في فصل الشتاء لا يقتصر على اتباع نظام غذائي محدد، بل يشمل أيضاً الانتباه إلى عوامل أخرى مثل جودة النوم والمزاج والتعرض للضوء والتوتر والنشاط البدني. جميع هذه العوامل تؤثر على الجوع وخيارات الطعام.

من خلال مراقبة الأنماط الشخصية، مثل زيادة الرغبة في تناول الطعام بعد قلة النوم أو انخفاض الشهية في أيام النشاط المنخفض، يمكن للأفراد تحديد إشاراتهم الفسيولوجية والسلوكية بشكل أفضل. هذه الممارسة تعزز الوعي الذاتي والمرونة المعرفية، مما يسمح باستجابات أكثر تكيفاً لإشارات الشهية على مدار العام.

من المتوقع أن تستمر الأبحاث في استكشاف العلاقة المعقدة بين الطقس البارد والشهية، مع التركيز على دور الهرمونات والساعة البيولوجية والمزاج. في الوقت الحالي، يوصي الخبراء بتبني استراتيجيات غذائية ونمط حياة صحية لمواجهة زيادة الشهية في الشتاء والحفاظ على وزن صحي. مراقبة التغيرات الفردية في الشهية والتعامل معها بشكل استباقي هو المفتاح لتجنب الإفراط في تناول الطعام والاستمتاع بوجبات صحية خلال الأشهر الباردة.

شاركها.