اتفقت اليابان مع خمس دول في آسيا الوسطى على تطوير ممر نقل جديد يربط المنطقة بأوروبا، متجنباً روسيا، وذلك بهدف تعزيز إمدادات الطاقة وضمان استقرار سلاسل التوريد، خاصةً المعادن الحيوية. جاء هذا الاتفاق خلال قمة تاريخية استضافتها طوكيو، حيث بحثت الأطراف سبل التعاون الاقتصادي والأمني في المنطقة. يأتي هذا التطور في ظل تزايد الاهتمام العالمي بآسيا الوسطى ومواردها.

الاجتماع الذي عقد السبت الماضي جمع اليابان مع كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، وذلك في إطار سعي اليابان لتعزيز علاقاتها مع هذه الدول الغنية بالموارد، بينما تسعى كل من روسيا والصين إلى توسيع نفوذهما في المنطقة. وتهدف القمة إلى وضع إطار عمل للتعاون المستقبلي.

تطوير طريق بديل لضمان إمدادات الطاقة والمعادن

يُعرف الممر المقترح بـ “طريق بحر قزوين”، وهو يهدف إلى توفير مسار بديل لنقل البضائع والطاقة بين آسيا وأوروبا، مع تجنب الاعتماد على الطرق التي تمر عبر روسيا. تتزايد أهمية هذا المسار في ظل الأوضاع الجيوسياسية المتغيرة، و بحسب تقارير اقتصادية، فإن هذا الطريق يقلل الوقت والتكاليف اللوجستية بشكل كبير.

أهداف القمة ومناقشات طوكيو

في بداية القمة، أكدت رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي على أهمية تطوير طريق تجاري موثوق بين آسيا وأوروبا، مشيرة إلى التغيرات الجذرية التي طرأت على الوضع الدولي. كما ركزت المناقشات على التعاون في مجالات خفض الانبعاثات الكربونية، وتسهيل الخدمات اللوجستية، وتنمية الموارد البشرية، بالإضافة الي التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي.

تبنت اليابان والدول الخمس “إعلان طوكيو” الذي يحدد هذه الأهداف، ويضع آليات لتنفيذها. ويشمل ذلك إطلاق مشاريع تجارية جديدة بقيمة إجمالية تبلغ 3 تريليونات ين (حوالي 19 مليار دولار أمريكي) على مدى السنوات الخمس القادمة، وفقًا لتصريحات تاكايتشي للصحفيين بعد الاجتماع.

يركز الإعلان بشكل خاص على ضمان إمدادات مستقرة من المعادن النادرة، بالإضافة إلى مصادر الطاقة التقليدية مثل النفط والغاز الطبيعي. هذه المعادن ضرورية لإنتاج مجموعة واسعة من السلع، بما في ذلك السيارات الكهربائية والإلكترونيات.

الخلفية التاريخية لجهود اليابان في المنطقة

تأتي هذه القمة في إطار جهود اليابان المستمرة لتعزيز علاقاتها مع دول آسيا الوسطى، والتي بدأت في عام 2004 من خلال إطلاق إطار الحوار مع الجمهوريات السوفياتية السابقة. ومنذ ذلك الحين، عقدت اليابان 10 اجتماعات على مستوى وزراء الخارجية مع هذه الدول.

وكان من المقرر عقد هذه القمة في كازاخستان في أغسطس 2024، ولكن تم تأجيلها بسبب تحذير من احتمال حدوث زلزال مدمر في اليابان. يعكس هذا التأجيل الأولوية التي توليها اليابان لسلامة المواطنين والوفود المشاركة.

تستثمر اليابان بالفعل في عدة مشاريع في آسيا الوسطى، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية والطاقة. وتعتبر المنطقة ذات أهمية متزايدة لليابان من حيث الأمن الاقتصادي والوصول إلى الموارد.

بالإضافة إلى **إمدادات الطاقة** والمعادن، يركز التعاون المقترح على تطوير البنية التحتية اللوجستية، بما في ذلك الموانئ والطرق والسكك الحديدية. يهدف هذا إلى تسهيل حركة البضائع وتقليل التكاليف، مما يجعل المنطقة أكثر جاذبية للتجارة والاستثمار.

من المتوقع أن تشمل الخطوات القادمة وضع خطة تفصيلية لتطوير “طريق بحر قزوين”، وتحديد المشاريع ذات الأولوية، وتأمين التمويل اللازم. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض العقبات التي يجب التغلب عليها، مثل الحاجة إلى تنسيق السياسات بين الدول المختلفة، ومعالجة المخاوف الأمنية المتعلقة بالمنطقة. وستراقب الأوساط الاقتصادية والسياسية عن كثب تطورات هذا المشروع، وتقييم تأثيره على **التجارة الدولية** و **الأمن الإقليمي**.

شاركها.