شهدت واردات الصين من النفط الخام تحولات ملحوظة في شهر نوفمبر الماضي، حيث ارتفعت بشكل ملحوظ من المملكة العربية السعودية، بينما انخفضت من روسيا. وتأتي هذه التغييرات في ظل ديناميكيات متغيرة في سوق الطاقة العالمي، وتؤثر على علاقات الصين التجارية مع كبار مورديها. وتعد هذه التطورات جزءًا من تحليل أوسع لـواردات الصين من النفط، والتي تعتبر مؤشرًا رئيسيًا على الطلب الاقتصادي في البلاد.

ووفقًا لبيانات حديثة، ارتفعت واردات الصين من النفط الخام من السعودية بنسبة 8.4% على أساس سنوي لتصل إلى 7.55 مليون طن، أي ما يعادل 1.84 مليون برميل يوميًا. في المقابل، انخفضت الواردات من روسيا، التي كانت أكبر مصدر للنفط الخام للصين، بنسبة 3.4% لتصل إلى 8.35 مليون طن، أو 2.03 مليون برميل يوميًا. يذكر أن واردات شهر أكتوبر الماضي من روسيا بلغت 9.11 مليون طن.

تحولات في مصادر النفط الخام للصين

تعكس هذه التحولات فيواردات الصين من النفط عدة عوامل، بما في ذلك اتفاقيات الإنتاج بين أوبك+، والطلب المتزايد على النفط السعودي لتلبية احتياجات المصافي الصينية، والتغيرات في أسعار النفط العالمية. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك اعتبارات جيوسياسية تؤثر على قرارات الشراء الصينية.

تأثير العقوبات على واردات النفط

شهدت الواردات من ماليزيا، وهي مركز رئيسي لإعادة شحن النفط الإيراني الخاضع للعقوبات، انخفاضًا حادًا بنسبة 36.7% لتصل إلى 4.26 مليون طن، أو 1.04 مليون برميل يوميًا. كما انخفضت الواردات من إندونيسيا إلى 2.52 مليون طن في نوفمبر.

وتشير التقارير إلى أن الزيادة في الواردات من إندونيسيا قد تكون مرتبطة بإخفاء شحنات النفط الإيراني، حيث يتم نقلها في المياه قبالة ماليزيا لتجنب العقوبات الدولية. هذه الممارسات تزيد من تعقيد تتبع مصادر النفط الخام وتؤثر على الشفافية في السوق.

أداء الموردين الآخرين

بينما ارتفعت الواردات من السعودية، انخفضت الواردات من الإمارات العربية المتحدة بنسبة 16.8% في نوفمبر لتصل إلى 2.94 مليون طن. في المقابل، سجلت الواردات من الكويت ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 34.6% لتصل إلى 2.21 مليون طن، وهو أعلى مستوى لها منذ أكتوبر 2023 حيث بلغت 2.36 مليون طن.

لم يتم الإعلان عن أي واردات من إيران أو فنزويلا، مما يشير إلى استمرار تأثير العقوبات على صادرات النفط من هذه الدول. هذا يؤكد على أهمية تنويع مصادر الطاقة للصين لضمان استقرار الإمدادات.

ارتفاع واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا

بالإضافة إلى النفط الخام، شهدت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال الروسي زيادة كبيرة في شهر نوفمبر. وارتفعت الإمدادات بنسبة 1.75 مرة على أساس سنوي و24% على أساس شهري، لتصل قيمتها إلى 739.1 مليون دولار، وفقًا لحسابات وكالة سبوتنيك بناءً على بيانات الجمارك الصينية.

وتعتبر هذه القيمة الأعلى منذ نوفمبر 2024، حيث بلغت 810.6 مليون دولار. ومع ذلك، انخفضت القيمة الإجمالية لواردات الصين من الغاز الطبيعي المسال الروسي خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام الحالي بنسبة 6% لتصل إلى 4.17 مليار دولار.

كما ارتفعت إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا إلى الصين بنسبة 40% على أساس شهري و14% على أساس سنوي، لتصل إلى 785.7 مليون دولار في نوفمبر الماضي. وبلغ إجمالي حجم واردات الصين من الغاز في شكله الغازي للفترة من يناير إلى نوفمبر الماضي 8.6 مليار دولار، بزيادة قدرها 17.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وتعد الصين حاليًا أكبر مستورد للغاز الروسي، ومن المتوقع أن ينمو حجم الواردات عبر خط أنابيب “باور أوف سيبيريا 1” بنسبة 75% أو ما يعادل 25 مليار متر مكعب بحلول عام 2030. هذا يعكس التعاون المتزايد بين البلدين في قطاع الطاقة.

من المتوقع أن تستمر الصين في مراقبة سوق النفط العالمية عن كثب، مع التركيز على ضمان استقرار الإمدادات وتنويع مصادرها. تحليل البيانات المستقبلية لـواردات النفط والغاز الطبيعي سيوفر رؤى قيمة حول اتجاهات الطاقة في الصين وتأثيرها على الاقتصاد العالمي. كما يجب متابعة التطورات الجيوسياسية والعقوبات المفروضة على بعض الدول المنتجة للنفط، والتي قد تؤثر على تدفقات الطاقة إلى الصين في الأشهر والسنوات القادمة.

شاركها.