يشهد مجال الروبوتات تطورات متسارعة، لكن هناك شكوكاً متزايدة حول مدى قرب تحقيق روبوتات شبيهة بالبشر قادرة على أداء مهام متنوعة. رودني بروكس، رائد في علم الروبوتات ومبتكر مكنسة “رومبا” الشهيرة، يعرب عن تشككه في إمكانية تحقيق ذلك في المستقبل القريب، محذراً من إهدار المليارات في هذا المسعى.

مستقبل الروبوتات: بين الطموحات والواقع

لطالما كان الحلم بصنع آلات ذكية قادرة على مساعدة البشر في مختلف جوانب حياتهم هدفاً رئيسياً للباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات. ومع ذلك، يرى بروكس أن التركيز الحالي على الروبوتات الشبيهة بالبشر قد يكون مضللاً، وأن هناك طرقاً أكثر واقعية وفعالية لتطوير الروبوتات التي يمكن أن تفيد المجتمع.

في فيلم “سريع، رخيص، وخارج عن السيطرة” عام 1997، عبّر بروكس عن فكرته بأن محاولة السيطرة على الطبيعة بشكل كامل هي مهمة فاشلة. وينطبق هذا المفهوم على الروبوتات، حيث أن محاولة تقليد القدرات البشرية المعقدة قد تكون أكثر صعوبة وتكلفة من تطوير روبوتات متخصصة في مهام محددة.

تحديات بناء روبوتات شبيهة بالبشر

أحد أكبر التحديات التي تواجه بناء روبوتات شبيهة بالبشر هو صعوبة محاكاة البراعة البشرية. فالأيدي البشرية قادرة على القيام بمهام دقيقة ومعقدة تتطلب تنسيقاً عالياً بين العضلات والأعصاب، وهو أمر يصعب تحقيقه باستخدام الإلكترونيات والمحركات الحالية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الروبوتات الشبيهة بالبشر تحتاج إلى أن تكون قادرة على التنقل في بيئات غير منظمة والتكيف مع الظروف المتغيرة، وهو ما يتطلب قدرات استشعار ومعالجة معلومات متقدمة.

يرى بروكس أن الاستثمار الحالي في الروبوتات الشبيهة بالبشر قد يكون مبالغاً فيه، وأن هناك مجالات أخرى في مجال الروبوتات تستحق المزيد من الاهتمام، مثل الروبوتات الصناعية المتخصصة والروبوتات الزراعية والروبوتات الطبية. هذه الروبوتات يمكن أن تحقق فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة دون الحاجة إلى محاولة تقليد القدرات البشرية الكاملة.

استثمارات ضخمة ومخاطر محتملة

على الرغم من تحذيرات بروكس، يواصل المستثمرون ضخ مليارات الدولارات في شركات تعمل على تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر. شركة تسلا، على سبيل المثال، تراهن بشكل كبير على روبوتها “أوبتيموس”، وتتوقع أن يكون قادراً على أداء مهام متنوعة مثل الجراحة والتصنيع. كما أن هناك العديد من الشركات الناشئة الأخرى التي تعمل على تطوير روبوتات شبيهة بالبشر، مثل Figure AI و 1X Technologies.

ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن سلامة هذه الروبوتات، خاصةً إذا كانت ستعمل بالقرب من البشر. فإذا فقدت الروبوتات الشبيهة بالبشر توازنها أو تعرضت لأعطال، فقد تتسبب في إصابات خطيرة. لذلك، من الضروري وضع معايير سلامة صارمة وتنظيم استخدام هذه الروبوتات لضمان حماية البشر.

الذكاء الاصطناعي التوليدي ودوره في تطوير الروبوتات

يشير البعض إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يلعب دوراً حاسماً في تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر. من خلال تدريب الشبكات العصبية على كميات هائلة من البيانات، يمكن تعليم الروبوتات القيام بمهام معقدة دون الحاجة إلى برمجة صريحة. ومع ذلك، يظل هناك شكوك حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي التوليدي قادراً على محاكاة القدرات البشرية بشكل كامل.

نظرة مستقبلية

من المتوقع أن يستمر مجال الروبوتات في التطور بوتيرة سريعة في السنوات القادمة. ومع ذلك، من غير المرجح أن نرى روبوتات شبيهة بالبشر قادرة على أداء جميع المهام التي يقوم بها البشر في المستقبل القريب. بدلاً من ذلك، من المرجح أن نرى المزيد من الروبوتات المتخصصة التي تعمل جنباً إلى جنب مع البشر في مختلف المجالات. ما يجب مراقبته في المستقبل القريب هو تطور معايير السلامة للروبوتات، ونجاح الشركات الناشئة في تحقيق أهدافها، وتأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على قدرات الروبوتات. التركيز على التطبيقات العملية والواقعية للروبوتات سيكون هو المفتاح لتحقيق فوائد حقيقية للمجتمع.

شاركها.