تُحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي تحولات جذرية في عالم الأعمال، حيث تشير أحدث الاستطلاعات إلى مكاسب كبيرة في الإنتاجية والنمو. كشف استطلاع جديد أجرته شركة «إي واي» (EY) عن أن الشركات الأمريكية تستثمر بشكل متزايد في الذكاء الاصطناعي، ليس فقط لأتمتة المهام، بل لتوسيع القدرات البشرية وتحقيق نمو غير مسبوق. هذا التحول يثير تساؤلات حول مستقبل الوظائف ودور التكنولوجيا في الاقتصاد.

الذكاء الاصطناعي يعزز الإنتاجية مع الحفاظ على الوظائف

على الرغم من المخاوف السائدة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف، أظهر الاستطلاع أن غالبية الشركات التي تستفيد من هذه التقنية لا تلجأ إلى تسريح العمال. فمن بين 500 من كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأمريكية، لم يقم سوى 17% بتخفيض عدد الموظفين بعد تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي. بدلاً من ذلك، تقوم هذه الشركات بإعادة استثمار المكاسب الناتجة عن زيادة الإنتاجية في تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي وتعزيز الأمن السيبراني.

يؤكد كولم سباركس-أوستن، رئيس قسم الاستشارات في «إي واي» في الأميركتين، أن الشركات الرائدة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوسيع نطاق القدرات البشرية بوتيرة لم يسبق لها مثيل. الهدف ليس فقط الأتمتة، بل تضخيم الأعمال وتحقيق نمو مستدام.

مكاسب كبيرة في الإنتاجية

أظهر الاستطلاع، الذي شمل 500 من كبار صناع القرار في قطاع الأعمال الأمريكي، أن 96% من المؤسسات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي تشهد تحسناً في الإنتاجية. 57% من هذه المؤسسات وصفت مكاسبها بأنها “كبيرة”. هذا يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة واعدة، بل أصبح محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، أفاد 47% من الشركات بإعادة استثمار المكاسب في تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي الحالية، و42% في تطوير قدرات جديدة، و41% في تعزيز الأمن السيبراني، و39% في البحث والتطوير، و38% في رفع مستوى مهارات الموظفين وإعادة تأهيلهم. هذا يدل على التزام الشركات بتطوير منظومة متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

التحول من الإنتاجية إلى النمو

وفقاً لدان دياسيو، رئيس قسم استشارات الذكاء الاصطناعي العالمية في EY، فإن إمكانات الذكاء الاصطناعي التحويلية تكمن في رفع سقف التوقعات. الشركات لم تعد تركز فقط على تحسين الكفاءة، بل تسعى إلى دفع عجلة الابتكار وخلق أسواق جديدة. هذا التحول يتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير وتأهيل الكوادر البشرية.

تستخدم المؤسسات الذكاء الاصطناعي لتحقيق ما كان يُعدّ مستحيلاً في السابق، مما يفتح آفاقاً جديدة للنمو والتوسع. الشركات الناجحة تُعيد استثمار مكاسبها اليوم لبناء أعمال المستقبل، وليس فقط لتحسين عملياتها الحالية.

الاستثمار يؤدي إلى عوائد أكبر

أظهر الاستطلاع أن حجم الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يرتبط بشكل مباشر بحجم مكاسب الإنتاجية. الشركات التي تستثمر 10 ملايين دولار أو أكثر في الذكاء الاصطناعي في جميع وحدات الأعمال أو الفرق، كانت أكثر ترجيحاً للإبلاغ عن مكاسب إنتاجية كبيرة مقارنة بالشركات التي تستثمر مبالغ أقل (71% مقابل 52%).

كما أفاد 56% من كبار القادة الذين حققوا عائداً إيجابياً على الاستثمار من استثمارات الذكاء الاصطناعي بأنها أدت إلى تحسينات كبيرة في الأداء المالي العام. نتيجة لذلك، من المتوقع أن تزيد الشركات من إنفاقها على الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة. من المتوقع أن يرتفع تخصيص ميزانية تكنولوجيا المعلومات للذكاء الاصطناعي من 27% في عام 2025 إلى 52% في عام 2026.

نظرة مستقبلية

تشير النتائج إلى أن الشركات التي تستثمر بكثافة في الذكاء الاصطناعي اليوم ستتفوق على منافسيها في المستقبل. ويت بتلر، نائب رئيس قسم الاستشارات في «إي واي – في الأميركتين»، يؤكد أن الشركات الرائدة في الاستثمار في الذكاء الاصطناعي تحقق تقدماً ملحوظاً، وأن حجم الاستثمار يلعب دوراً حاسماً في تحقيق مكاسب الإنتاجية. من المتوقع أن يشهد عام 2026 زيادة كبيرة في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي، مما يعكس الثقة المتزايدة في قدرة هذه التقنية على تحقيق النمو والازدهار. يبقى من المهم مراقبة التطورات التنظيمية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتأثيرها على الاستثمارات والابتكارات في هذا المجال.

شاركها.