كشفت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية عن إجراء ما يقرب من 3700 اختبار جيني ضمن برنامج فحوص ما قبل الزواج منذ بداية عام 2025 وحتى الآن. يهدف هذا البرنامج الوطني إلى تعزيز الوقاية من الأمراض الوراثية وتحسين صحة الأسر الإماراتية، وذلك من خلال الكشف المبكر عن المخاطر المحتملة وتقديم الاستشارات اللازمة. وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية الدولة الطموحة في مجال الجينوم والرعاية الصحية الوقائية.

وأظهرت النتائج الأولية للفحوصات عدم توافق جيني بين 130 زوجاً، حيث تم توجيههم إلى استشارات متخصصة لمساعدتهم في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن التخطيط الأسري. وتشير البيانات إلى أن الغالبية العظمى من الأزواج، بنسبة 96.5%، أظهرت توافقاً جينياً، مما يعكس فعالية البرنامج في تحديد الحالات التي قد تتطلب تدخلًا طبيًا.

أهمية الفحص الجيني قبل الزواج في الإمارات

يعد الفحص الجيني قبل الزواج إجراءً وقائيًا بالغ الأهمية، حيث يتيح للأزواج المحتملين معرفة ما إذا كانوا يحملون جينات متنحية قد تسبب أمراضًا وراثية لأطفالهم. وتشمل هذه الأمراض مجموعة واسعة من الحالات الصحية، بدءًا من الأمراض النادرة والمميتة وصولًا إلى الإعاقات الخفيفة. من خلال الكشف عن هذه المخاطر، يمكن للأزواج اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الإنجاب، بما في ذلك اللجوء إلى تقنيات الإنجاب المساعدة أو التخطيط لتبني طفل.

نطاق الفحص الجيني

يغطي الفحص الجيني الذي تقدمه مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية ما يزيد عن 570 جينًا مرتبطًا بأكثر من 840 حالة طبية وراثية. ويشمل ذلك فحصًا للعديد من الأمراض الشائعة في المنطقة، بالإضافة إلى الأمراض النادرة التي قد يكون لها تأثير كبير على صحة الأطفال. وتلتزم المؤسسة بإصدار نتائج الفحوصات خلال 14 يوم عمل، مما يضمن حصول الأزواج على المعلومات اللازمة في الوقت المناسب.

وبحسب الدكتورة كريمة الرئيسي، مديرة إدارة الرعاية الصحية الأولية في مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، فإن هذه النتائج تعكس الأثر المتزايد للخدمة كأداة أساسية في تعزيز الصحة الوقائية. وأضافت أن الفحص الجيني يمثل خطوة حاسمة نحو بناء نظام صحي قادر على التنبؤ بالمخاطر الوراثية وتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات واعية.

وتماشياً مع رؤية الدولة واستراتيجية مجلس الإمارات للجينوم، تعمل المؤسسة على تطوير بنية وطنية متقدمة للوقاية من الأمراض الوراثية. وتعتمد هذه البنية على الخبرات السريرية المتخصصة وتقنيات الفحوص المخبرية الحديثة، مما يضمن تقديم خدمات عالية الجودة تلبي احتياجات المجتمع.

بالإضافة إلى الفحص الجيني، يشمل برنامج فحوص ما قبل الزواج فحصًا للأمراض المعدية، مثل التهاب الكبد الوبائي والإيدز. ويهدف هذا البرنامج الشامل إلى الكشف المبكر عن جميع المخاطر الصحية المحتملة التي قد تؤثر على صحة الزوجين وأطفالهم. وتقدم المؤسسة أيضًا استشارات طبية متخصصة للأزواج الذين يحتاجون إليها، لمساعدتهم في فهم النتائج واتخاذ القرارات المناسبة.

وتسعى مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية إلى زيادة الوعي المجتمعي بأهمية الفحص الجيني من خلال حملات توعية مستمرة. وتشمل هذه الحملات شرحًا مباشرًا من الأطباء للمقبلين على الزواج، بالإضافة إلى نشر المعلومات عبر وسائل الإعلام المختلفة ومنصات التواصل الاجتماعي. كما تنظم المؤسسة مجالس للمتعاملين في مراكز الرعاية الصحية لتثقيف الأهالي والشباب حول الوقاية الوراثية.

تقدم المؤسسة حاليًا خدمة الفحص الجيني في 21 مركزًا صحيًا في جميع أنحاء الدولة. وتخطط لتوسيع نطاق هذه الخدمة في المستقبل، لتشمل المزيد من المراكز الصحية وتلبية الطلب المتزايد عليها. ويعد هذا التوسع جزءًا من جهود المؤسسة المستمرة لتحسين صحة الفرد والمجتمع.

يأتي تطبيق الفحص الجيني الإلزامي ضمن برنامج فحوص ما قبل الزواج بناءً على قرار مجلس الإمارات للجينوم، والذي يمثل نقلة نوعية في تعزيز صحة الأجيال القادمة. ويهدف هذا القرار إلى توفير مستقبل صحي ومستدام للأسر الإماراتية، وتعزيز مكانة الدولة في مجال الرعاية الصحية والطب الجيني. وتشير التوقعات إلى أن هذا البرنامج سيساهم في تقليل معدلات الإصابة بالأمراض الوراثية في الدولة على المدى الطويل.

من المتوقع أن تستمر مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية في تطوير وتحسين برنامج الفحص الجيني قبل الزواج، مع التركيز على استخدام أحدث التقنيات وتقديم خدمات عالية الجودة. كما من المرجح أن تشهد الدولة زيادة في عدد المراكز الصحية التي تقدم هذه الخدمة، مما يسهل الوصول إليها لجميع المواطنين. ويجب متابعة التطورات في هذا المجال، بما في ذلك الأبحاث الجديدة حول الأمراض الوراثية وتقنيات التشخيص والعلاج.

شاركها.