د. حامد برقو عبدالرحمن
(١)
في ابريل ٢٠١٨ كتبت مقالاً بهذا الموقع تحت عنوان (ليلة القبض على البشير و صلاح قوش رئيساً انتقالياً) ذكرت فيه أن البشير لم يعيد تعيين قوش الا لترهيب أعضاء حزبه الرافضين لإعادة ترشحه للرئاسة لكن ستكون نهايته على يد قوش ، لأن الاخير لن ينسى المهانة التي تعرض لها من قبل البشير.
ثم ذكرت المصير الذي ينتظر قائد مليشيا الدعم السريع و الذي قد يتم التخلص منه بتلفيق تهمة القيام بمحاولة انقلابية.
ختمت المقال المتواضع و الذي مازال متواجد بموقع هذه الصحيفة؛ بإحتمالية أن يشكل صلاح قوش حكومة انتقالية مع بعض الحركات المعارضة الحاملة للسلاح .
أتصور أن الكثير من ما توقعته قد حدث بإستثناء القبض على البشير و تسليمه للجنائية الدولية.
المهر الذي دفعه شباب ثورة ديسمبر الشعبية كان باهظاً للغاية، الا ان تساهل جهاز الأمن الذي كان يقوده الرجل الذي ليس في قلبه ذرة رحمة أو إنسانية ( صلاح قوش) أثر كبير في سقوط البشير. أراد قوش التخلص من البشير دون النظام لذا لم يستخدم القوة المفرطة كما اعتاد عليها النظام من قبل. الا ان طوفان الغضب الشعبي كان أقوى مما تصوروا، فجرف البشير و صلاح قوش و قدراً معتبراً من النظام الإجرامي . ذلك قبل أن يعود من اخرجتهم الثورة بالابواب بنوافذ حكومة القحت لرعونة و صبيانية مكوناتها و لسلبية مواقف الحزب الشيوعي الذي ناصب الحكومة المدنية العداء السافر حتى فقدت السند السياسي لينقض عليها العسكر في ٢٥ أكتوبر المشؤوم . بذلك ضاع الكفاح الوطني التراكمي بين خيانة العسكر و صبيانية قحت و غباء الحزب الشيوعي.
(٢)
في المجتمع الذي يعتز فيه حامل درجة الأستاذية بقبيلته لم أجد وصفاً ألطف من (مجتمع رعوي) .نعم نحن كذلك مع التخفيف. لذا لم نفلح في الفكاك من شراك الجهوية أو القبلية.
الي حد معقول قد خفضت حدة القبلية في مجتمعات الأقليم الشمالي على نقيض نظيراتها في الهامش السوداني لكن و للأسف فإن الأقليم الشمالي هو من يقود الجهوية في السودان و يقننها و هي (أعني الجهوية) أس بلاء السودان.
برغم ذلك لدينا شكوك موضوعية و التي لا ترقي إلى درجة الاتهام حول أسباب وفاة وزير الدفاع الفريق أول جمال الدين عمر محمد ابراهيم في ٢٥ مارس ٢٠٢٠ أبان مباحثات السلام بسكتة قلبية في عاصمة جنوب السودان جوبا. لأنها تطرح أسئلة حول صمود بيات القبلية بين مكونات الإقليم الشمالي و أسئلة أخرى حول علاقة البعض بمن يتعامل مع الفلسطيني محمد دحلان . رحيل الفريق أول جمال الدين عمر لا يبتعد كثيرا عن التساهل لعزل عمر البشير.
و كشخص مهتم بالطب و القانون ( و غيرهما من مكونات التنمية المستدامة)؛ أتساءل بإشفاق بالغ ؛ كيف لدولة مسؤولة أن تسمح بدفن جثمان وزير دفاعها الذي توفي في ظروف غامضة كتلك دون إتخاذ إجراءات الطب العدلي..؟
نسخة من تساؤلي لمحمد دحلان و لكفيله و ربما لصلاح قوش..!
رحم الله ياسر عرفات و خليفة بن زايد و جمال الدين عمر…!!
(٣)
كثيراً ما حذرت من خطورة الجراد الالكتروني الذي تديره شعبة القبائل بجهاز الأمن و المخابرات السوداني و التي تعمل تحت الإشراف المباشر من قبل الفريق أول صلاح قوش( و دون علم الفريق مفضل). الهدف الذي لا رجعة فيه للسيد صلاح قوش هو حكم السودان أو الأقليم الشمالي إن تعذر ، و في سبيل بلوغ هدفه لا مانع لديه أن يتفتت السودان و يهلك شعبه.
دعاة الفرقة و الانفصال و مخوني قواتنا التي تحارب في أكثر من جبهة في هذا الظرف مفصلي من شاكلة عبدالرحمن عمسيب و حياة عبدالملك و الصحفية أوشي و غيرهم ؛ ما هم إلا ادوات للفريق صلاح قوش .
(٤)
صحيح أن توظيف عربان شتات غربي افريقيا في مليشيا الدعم السريع و المسميات السابقة لها كان بدافع إبادة إثنيات بعينها في غرب السودان، ثم التخلص منها في الوقت المناسب.
الا ان تنامي قدرات المليشيا من حيث التسليح و عديد المقاتلين الي حد أشبه بالجراد الصحراوي كان بسبب تغاضي صلاح قوش عن تنبيه عمر البشير. ذلك ظناً غبياً منه في جعل الدعم السريع قوته الضاربة في حال رفض الجيش السوداني توليه الحكم . و لا يدري بأن حميدتي نفسه و رغم أميته كان يفكر في قصر غردون.
الذي يجب أن يدركه صلاح قوش و من معه من عتاة الجهويين أن الدماء التي سالت و مازالت في معركة الكرامة لن تسمح بتقسيم السودان أو تولي مجرم لرئاسة الدولة ، لذا من الأفضل أن يوقفوا جرادهم الالكتروني حتى تتمكن قواتنا الوطنية بتشكيلاتها المنسجمة و المنضوية تحت قيادة الجيش من تطهير البلاد من شر الغزاة المحتلين.
المجد لأمتنا
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة