هسبريس من الرباطالسبت 5 يوليوز 2025 00:50

تقترب شركتا “مايكروسوفت” و”إنفيديا” من بلوغ قيمة سوقية تناهز أربعة تريليونات دولار لكل منهما، في سابقة تعزز مكانتهما ضمن نخبة السوق العالمية، مدفوعة بالزخم المتصاعد في قطاع الذكاء الاصطناعي. لكن رغم تشابه أرقامهِما، فإن مسارات الشركتين متباينة من حيث التعقيد والمخاطر. إذ تستفيد “إنفيديا” من الطلب الحتمي على رقائقها من أي جهة تسعى لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، بينما تعتمد “مايكروسوفت” على قدرة السوق، أفرادًا ومؤسسات، على تقبّل منتجات الذكاء الاصطناعي كخدمة تستحق الدفع، وهو رهان لم يُحسم بعد.

التوسع السريع لـ”مايكروسوفت” في هذا المجال ارتبط بشراكتها مع شركة “أوبن أي آي”، مطوّرة “تشات جي بي تي”، مما أتاح لها دمج تقنيات متقدمة في خدماتها السحابية وبرامجها المكتبية. إلا أن العلاقة بين الطرفين باتت مهددة وسط مساعي “أوبن أي آي” لتغيير هيكلها القانوني والتحول إلى كيان ربحي تقليدي، وهو ما قد يؤدي إلى تضارب المصالح، خصوصًا في ظل بند قانوني يمنح “أوبن أي آي” حق تقييد وصول “مايكروسوفت” إلى بعض تقنياتها المستقبلية عند بلوغ مستوى معين من التطور.

وفي سياق موازٍ، تسعى “مايكروسوفت” إلى تطوير رقائقها الخاصة لتقليص اعتمادها على “إنفيديا”، لكنها لم تحرز تقدمًا يُذكر. وفي محاولة لتحسين الكفاءة أعلنت الشركة عن موجة تسريحات جديدة تشمل تسعة آلاف موظف، تضاف إلى ستة آلاف منصب أُلغيت في وقت سابق من هذا العام. ورغم أن خفض النفقات يتماشى مع توجّه عمالقة التكنولوجيا، تُظهر البيانات أن “مايكروسوفت” لا تزال من أقل الشركات الكبرى من حيث العائد السنوي لكل موظف، ولا تزال بحاجة إلى إعادة هيكلة أعمق لتقليص الفجوة مع منافسيها.

من جهة الإيرادات، لا تزال مساهمة الذكاء الاصطناعي في نتائج “مايكروسوفت” محدودة، إذ تشير التقديرات إلى أن خدمات “أزور” المعتمدة على الذكاء الاصطناعي حققت زهاء 11.5 مليار دولار في العام المالي الماضي، أي ما يعادل نحو 4 بالمائة فقط من إجمالي إيرادات الشركة. هذا الرقم يوفّر بعض الحماية للشركة في حال لم يتحقق النمو المرتقب، لكنه يطرح تساؤلات عن مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على التحول إلى مصدر رئيسي للدخل في المستقبل القريب.

على النقيض من ذلك، تسير “إنفيديا” في منحى أكثر وضوحًا، إذ ارتفعت مبيعاتها بأكثر من عشرة أضعاف خلال ثلاث سنوات، مع توقعات بأن تواصل النمو بنسبة 32 بالمائة سنويًا على مدى السنوات الثلاث المقبلة. لكن هذا النمو لا يخلو من مخاطر، خصوصًا إذا تراجع الطلب من كبار العملاء أو ظهرت بدائل تقنية تقلل الحاجة إلى رقائق الشركة. وقد سبق للسوق أن شهد ردود فعل حادة، كما حدث في يناير الماضي حين فقدت “إنفيديا” 20 بالمائة من قيمتها السوقية خلال أسبوع واحد بعد تقارير عن شركة صينية طوّرت نماذج ذكاء اصطناعي دون الحاجة إلى شرائحها.

وبينما تؤكد خطط الاستثمار لدى كبار عملاء “إنفيديا” أن الطلب سيظل مرتفعًا على المدى القريب، فإن “مايكروسوفت” تواجه معادلة أكثر تعقيدًا، إذ لا يكفي أن تكون شريكًا في مسار الذكاء الاصطناعي، بل عليها أن تضمن أن يتحول هذا المسار إلى واقع استهلاكي ملموس يبرر التقييمات الضخمة.

وفي ضوء تصريحات رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، الذي أشار مؤخرًا إلى أن التقنيات الثورية تستغرق وقتًا أطول مما يعتقده الناس حتى تترجم إلى تحولات اقتصادية ملموسة، فإن معادلة الربح والخسارة في سباق الذكاء الاصطناعي لا تتعلق بالابتكار وحده، بل أيضًا بقدرة الشركات على الصبر والانضباط المالي. وهنا بالتحديد تكمن المعضلة الكبرى لـ”مايكروسوفت” في نادي الأربعة تريليونات.

الذكاء الاصطناعي القيمة السوقية شركة إنفيديا شركة مايكروسوفت

النشرة الإخبارية

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا

يرجى التحقق من البريد الإلكتروني

لإتمام عملية الاشتراك .. اتبع الخطوات المذكورة في البريد الإلكتروني لتأكيد الاشتراك.

لا يمكن إضافة هذا البريد الإلكتروني إلى هذه القائمة. الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني مختلف.

المصدر: هسبريس

شاركها.