في خطوة مفاجئة، شنت مصالح الجمارك المغربية، صباح اليوم، حملة ميدانية واسعة بسوق “القريعة” الشهير بمدينة الدار البيضاء، وذلك في إطار التصدي لظاهرة ترويج المنتوجات المقلدة والماركات العالمية المزيفة.

وبحسب ما عاينه عدد من الشهود العيان، فقد داهمت فرق الجمارك عشرات المحلات التجارية داخل السوق، حيث باشرت عملية حجز عدد من السلع المشتبه في كونها مخالفة لقوانين حماية الملكية الصناعية والتجارية.

وقد خلفت هذه التحركات ارتباكا في أوساط التجار، حيث أقدم عدد منهم على إغلاق محلاتهم التجارية فور علمهم بوجود عناصر الجمارك في السوق، تفاديا لحجز سلعهم أو التعرض للمساءلة.

وصرح بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن الحملة الأخيرة التي شنتها إدارة الجمارك على سوق القريعة الشهير بمدينة الدار البيضاء، تعكس تشديد الرقابة على تجارة الملابس المقلدة، وهو نشاط لطالما اشتهر به هذا السوق الشعبي المعروف وطنياً.

وأوضح الخراطي، في تصريح خاص لجريدة “العمق”، أن السلطات الجمركية ركزت خلال هذه الحملة على تتبع ومحاربة شبكات الترويج للماركات المزيفة، سواء المصنعة محليا أو المستوردة، مشيرا إلى أن هذه الممارسات تشكل خرقاً لحقوق الملكية الفكرية وتؤثر سلباً على صورة الاقتصاد الوطني ومناخ الاستثمار.

وفي السياق ذاته، أبرز الخراطي أن “الملابس المقلدة” لا تُستهلك فقط داخل السوق المحلية، بل يتم أيضاً تصديرها نحو بلدان أخرى، مما يعمق من حجم الإشكال ويحول الأمر إلى قضية دولية ترتبط بالتزامات المغرب التجارية.

لكنه في المقابل، أشار إلى أن القانون المغربي لا يمنع تقليد الماركات بشكل مطلق، بل يتيح هذا الأمر شريطة أن يتقدم صاحب العلامة الأصلية بطلب رسمي يجيز استنساخها أو إعادة إنتاجها، وفقاً لمعايير واضحة تحمي حقوق جميع الأطراف.

رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك لم يُخفِ قلقه من الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية المحتملة لمثل هذه الحملات، مؤكداً أن “المنتوجات المقلدة تضر فعلا بالاقتصاد الوطني، سواء من حيث ضياع المداخيل الجبائية أو من خلال منافسة غير مشروعة للمنتجات الأصلية”.

ونبه الخراطي إلى ضرورة أن تترافق هذه الحملات مع حلول بديلة تحمي العمال البسطاء الذين يعتمدون على هذا النشاط كمصدر رئيسي للدخل.

وأضاف أن “التسرع في القضاء على هذه التجارة دون تقديم بدائل مشروعة ومنظمة، قد يؤدي إلى تفاقم نسب البطالة التي تعرف أصلاً منحى تصاعديا مقلقا في السنوات الأخيرة”.

ودعا الفاعل الحقوقي في هذا السياق إلى نهج مقاربة تشاركية تجمع بين أجهزة الدولة وممثلي التجار والمجتمع المدني من أجل بلورة حلول متوازنة تحمي الاقتصاد الوطني، وفي الآن ذاته تصون كرامة المهنيين وتوفر لهم مصادر دخل بديلة ومهيكلة.

واختتم الخراطي تصريحه بالدعوة إلى مراجعة السياسات الصناعية والتجارية بطريقة تُمكّن المغرب من احتضان هذه الطاقات المشتغلة في القطاع غير المهيكل، عبر إدماجهم تدريجياً في النسيج الاقتصادي المنظم، بدل دفعهم نحو مزيد من التهميش أو العطالة.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.