مثل كرة الثلج، تبدأ صغيرة وتكبر بالتدحرج، أثارت تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها النائب البرلماني هشام المهاجري خلال لقاء حزبي نظمه حزب الأصالة والمعاصرة ضمن فعاليات جامعته الصيفية زوبعة من الانتقادات والاستياء في صفوف مهنيي الصحة، خاصة أنها تأتي في مرحلة دقيقة تشهد إصلاحا جذريا للمنظومة الصحية الوطنية وتعميم ورش الحماية الاجتماعية.
وتحدث المهاجري، ضمن مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، بنبرة اعتبرت مهينة عن أداء الممرضين والممرضات في المراكز الصحية، إذ قال: “كيجي كيقوليهم أنا نحط ليكم مستوصف… كيجيب مستوصف، كَيحط ليه فرملية، الفرملية تاهي تلقاها كدير الحنة مع العيالات، وكتخرج لاسميتو؛ ولا إيلا كان فرملي لعشية كيلعب الكارطة مع الناس، كينسى حتى الخدمة ديالو، ما كيعرفش شنو كيدير، وإذا حضر كيجي غير نهار السوق الأسبوعي”.
واعتبرت الإطارات النقابية الصحية ضمن بلاغات طالعتها هسبريس هذه العبارات “جارحة وتقليلا من كرامة فئة تشكل العمود الفقري للمنظومة الصحية، تشتغل في ظروف قاسية، خصوصا في المناطق القروية وسط خصاص كبير في الأطر الطبية والتمريضية”، مطالبة المعني باعتذار رسمي، ومحذرة من “تبعات نشر مثل هذه الخطابات التبخيسية التي تزرع الاحتقان وتُضر بصورة مهنيي الصحة في عيون المجتمع، بدل الدفع نحو تحسين أوضاعهم وتحفيزهم على الاستمرار”.
في هذا الصدد عبر مصطفى جعا، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين، عن رفضه “مثل هذه التصريحات التي تبتغي استغلال السياسية لأهداف معينة والمس بكرامة الأطر الصحية والتمريضية”، واصفا إياه بـ”الخطاب غير الأخلاقي وغير المسؤول”.
كما شدد المسؤول النقابي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، على أن “استغلال السياسة لضرب سمعة فئة مهنية معينة أمر غير مقبول، و”تبرهيش سياسوي””، مستحضرا في هذا السياق الخطابات الملكية السامية التي ما فتئت تشيد بالأدوار الطلائعية للأطر الصحية.
ولفت جعا إلى أن “تصريحات النائب البرلماني مست فئة مهنية تشتغل بالعالم القروي وتعمل على حفظ السلم الاجتماعي بالبادية في ظل الخصاص الكبير في الأطباء على مستوى هذه التجمعات السكانية”، مؤكدا أن “هذا الخطاب يبتغي دغدغة المشاعر”، ومحملا حزب الأصالة والمعاصرة كامل المسؤولية، “على اعتبار أن حديث المهاجري جاء خلال نشاط حزبي وسياسي”؛ كما طالب النائب المعني بالأمر بتقديم اعتذار رسمي.
وقال الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين إن “حلبة الصراع السياسي لها سياقها العام، وبالتالي يجب عدم إقحام أي فئة مهنية فيها”، موردا أن “النائب البرلماني باعتباره ممثلا للأمة مطالب بالعمل على تحقيق مطالب الساكنة التي صوتت له، خاصة في شق المتعلق بالصحة، وعدم تعليق إخفاقه على مشجب الأطر التمريضية التي ضحت بالغالي والنفيس وقدمت تضحيات وشهداء في مختلف ربوع الوطن”.
من جهتها عبرت النقابة الوطنية للصحة العمومية، العضو المؤسس للفيدرالية الديمقراطية للشغل، عن سخطها وإدانتها “التصريحات المنحطة والمسيئة التي تفوّه بها المهاجري”، موردة أنها “تنم عن جهل مطبق بدور المهن التمريضية وتقنيات الصحة، كما تكشف عن عقلية متعالية ومتحاملة لا تليق بممثل للأمة ولا تعبر إلا عن احتقار للعمل الإنساني النبيل الذي يضطلع به الممرضون والممرضات، في ظروف قاسية ووسط إمكانيات محدودة”.
ووصف البلاغ النقابي الذي توصلت به هسبريس تصريحات المهاجري بـ”المنحطة والمهينة التي لا تليق بممثل الأمة”، معبرا عن إدانته “تطاول النائب البرلماني المذكور على الأطر التمريضية وسط خصاص مهول ومعاناة ميدانية في المناطق المهمشة”.
وطالبت النقابة الصحية ذاتها النائب البرلماني باعتذار علني رسمي يعيد الاعتبار للمهنة النبيلة، ويصون كرامة نساء ورجال الصحة، محملة المسؤولية الكاملة للحكومة والبرلمان في حماية مهنيي الصحة بمختلف فئاتهم من حملات التشهير والتجريح، مع دعوة عاجلة إلى فتح تحقيق رسمي في هذه الواقعة واتخاذ الإجراءات التأديبية اللازمة.
المصدر: هسبريس