شدد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، على ضرورة مواكبة البنوك المركزية الإفريقية للابتكارات الرقمية في مجال التكنولوجيا المالية، التي قال إنها قادرة على إحداث « ثورة » في عالم المال من خلال توسيع باقة المنتجات، وتحسين جودة الخدمات المالية، وخفض التكاليف. وهو ما يجعل من هذه الابتكارات، على حد تعبيره، « محركًا للتنمية، لاسيما في الاقتصادات الناشئة ».

وأضاف الجواهري، في كلمة ألقاها اليوم، الإثنين، بمناسبة افتتاح الندوة القارية لجمعية البنوك المركزية الإفريقية لسنة 2025، بأن الاستراتيجيات الرقمية « تتجاوز الحدود الجغرافية أو القطاعية، وتتطلب تفكيرًا جماعيًا وتعاونًا إقليميًا تقوده جمعية البنوك المركزية الإفريقية »، وذلك بهدف تقديم استجابة منسقة ومستدامة للتغيرات الجذرية التي يشهدها المجال.

وكشف المتحدث ذاته أن عدة بلدان إفريقية سجلت أداءً ملحوظًا فيما يتعلق بخدمات الدفع الرقمي، خاصة في مجالات مثل « الأموال عبر الهاتف المحمول »، و »التحويلات الفورية »، و »التحويلات من نظير إلى نظير »، مشيرا إلى أن تقريرا صادرا عن شركة « McKinsey  » في عام 2024، توقع أن تتضاعف مداخيل شركات التكنولوجيا المالية الإفريقية خمس مرات بحلول عام 2028، مدفوعة بنمو ديموغرافي نشيط، وارتفاع نسبة الارتباط الرقمي.

واستدرك والي بنك المغرب أن التقرير ذاته يشير إلى كون هذا النمو الواعد « غير مضمون ولا متكافئ »، حيث يتركز أساسًا في 11 سوقًا رئيسيًا تمثل 70٪ من الناتج الداخلي الخام للقارة، ونحو نصف سكانها، مضيفا أن تقريرا آخر للشركة نفسها أظهر أن شركات التكنولوجيا المالية تواجه تحديات منها: هشاشة الربحية، ومحدودية الوصول إلى تمويلات طويلة الأجل، ونقص في الكفاءات المتخصصة، فضلاً عن غياب إطار تنظيمي ملائم.

وحذر الجواهري من أن تطور المنصات التكنولوجية العالمية، التي تقدم خدمات الدفع والأصول المشفّرة والعملات المستقرة خارج نطاق التنظيم، يُمكن أن يُؤدي إلى استحواذها على التدفقات المالية على حساب الأنظمة الوطنية للدفع، وهو ما يجعل من الحتمي، وفق تعبيره، تعزيز دور البنوك المركزية في تنظيم أنظمة الدفع، والعمل على تحسين قدرتها على الصمود، حفاظاً على نزاهتها وحماية البيانات الشخصية.

ومن جهة ثانية، نبه المتحدث إلى أن التحولات الرقمية المتسارعة تزيد من إمكانية التعرض للمخاطر السيبرانية، مشيرا إلى أن الإنتربول كشفت مؤخرًا أن إفريقيا تُعد هدفًا مفضلاً للهجمات السيبرانية، نظرًا لهشاشة أنظمتها أمام العديد من التهديدات المتصاعدة، وأن متوسط كلفة الهجوم السيبراني الواحد على المؤسسات المالية الإفريقية تجاوز 2.5 مليون دولار سنة 2024، حسب البنك الدولي.

وأمام هذا الوضع، شدد الجواهري على ضرورة تبني البنوك المركزية الإفريقية « المرونة السيبرانية »، لضمان حسن سير عمل الأسواق والحفاظ على الاستقرار المالي، مع تعزيز الكفاءات المحلية من خلال إحداث مراكز امتياز في مجال الأمن السيبراني والتقنيات المالية.

شاركها.