بينما يعيش قطاع غزة أسوأ فصول المأساة في تاريخه الحديث، تحت قصف متواصل وحصار خانق ومشاهد دمار تفوق الوصف، تتكشف يوماً بعد يوم مواقف صادمة من حركة “حماس”، التي بدلاً من أن تضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق كل اعتبار، يبدو أنها تركز جهودها حالياً على هدف واحد: البقاء في الحكم بأي ثمن.

في مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية، لا تظهر حماس حرصاً حقيقياً على إنهاء معاناة أبناء غزة الذين يُقتلون ويُشردون يومياً، بل يبدو أن الحركة تفاوض لأجل إنقاذ نفسها، ومواقعها، وسلطتها، لا من أجل إنقاذ شعبها. هذا الانطباع بات راسخاً في أذهان كثير من الفلسطينيين الذين يرون أن حماس فقدت شرعيتها الأخلاقية والوطنية منذ أن تغلّبت على الشعب بالقوة، وفرضت عليه حكماً قاسياً دام أكثر من 17 عاماً.

تتزايد مشاعر الغضب والسخط في الشارع الفلسطيني، خاصة في غزة، حيث يعاني الناس الجوع والتشريد واليأس، دون أن تلوح في الأفق بوادر حلّ حقيقي. ويرى كثيرون أن حماس تستغل آلام القطاع كورقة ضغط في المفاوضات، وتُقايض دماء الضحايا بالحفاظ على نفوذها وسلطتها، ضاربة عرض الحائط بتضحيات الآلاف من الشهداء والمصابين والمشردين.

اللافت أن حماس، تحاول وسط العدوان الاسرائيلي الدامي تشديد قبضتها الأمنية داخل غزة، وقمعت الأصوات المنتقدة، وواصلت قتل وإرهاب و اعتقال النشطاء الذين يطالبون بالتغيير وإنهاء الانقسام.

الفلسطينيون باتوا اليوم أكثر وعياً بأن استمرار حماس في الحكم يشكّل عائقاً حقيقياً أمام أي أفق للسلام أو إعادة الإعمار أو تحقيق المصالحة الوطنية. وقد بدأ يتبلور رأي عام واسع يرى في خروج حماس من المشهد السياسي ضرورة وطنية تمهّد لبناء سلطة موحدة تحظى بثقة الداخل والدعم الإقليمي والدولي.

إن دماء أبناء غزة أغلى من أن تكون ثمناً لمساومات سياسية هدفها الحفاظ على سلطة مهترئة. والمطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، هو أن تنتهي حقبة حماس، لتبدأ مرحلة جديدة من الكرامة والعدالة والحرية لشعبٍ لم يعد يحتمل المزيد من الخيبات.

شاركها.