09:30 م
الجمعة 15 أغسطس 2025
كتب أحمد الضبع
نجح الذكاء الاصطناعي في تحقيق حلم الإنجاب لزوجين أميركيين بعد 18 عامًا من محاولات فاشلة للتلقيح الصناعي، بسبب حالة نادرة تعرف بـ”انعدام الحيوانات المنوية”، وهي من أصعب أسباب العقم عند الرجال.
الزوجان، اللذان فضلا عدم كشف هويتهما حفاظًا على الخصوصية، خاضا جولات عديدة من التلقيح الصناعي في مراكز خصوبة مختلفة حول العالم، دون جدوى. وفي هذه الحالة النادرة، تكون عدد الحيوانات المنوية في السائل المنوي منخفضة للغاية لدرجة لا يمكن معها رصد أي خلية تحت المجهر، حتى بعد ساعات طويلة من الفحص الدقيق.
لكن التحول المفاجئ في رحلتهما بدأ عندما لجآ إلى مركز الخصوبة التابع لجامعة كولومبيا في نيويورك، لتجربة تقنية جديدة تُعرف باسم “ستار” (STAR)، وهي اختصار لعبارة Sperm Tracking and Retrieval، أي “تتبع الحيوانات المنوية واستعادتها”، وتعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد الحيوانات المنوية النادرة والمخفية بدقة عالية.
3 خلايا فقط غيرت كل شيء
بحسب ما نقلته شبكة CNN، قام الفريق الطبي بتحليل عينة من السائل المنوي باستخدام النظام الجديد، ليتم رصد ثلاث خلايا منوية فقط، لكنها كانت كافية لإحداث فارق، فقد تم تخصيب بويضات الزوجة باستخدام تلك الخلايا، وأسفرت العملية عن أول حالة حمل ناجحة بهذه التقنية، ومن المقرر أن تلد الزوجة في ديسمبر المقبل.
وتقول الزوجة في بيان عبر البريد الإلكتروني: “بعد كل تلك الخيبات، كنا قد خفّضنا سقف آمالنا كثيرًا، واستغرقني الأمر يومين لأصدق أنني حامل بالفعل، وما زلت أستيقظ كل صباح غير مصدقة، إلا حين أرى نتائج الفحوصات”.
الذكاء الاصطناعي يغير قواعد اللعبة
قضى الدكتور زيف ويليامز، مدير مركز الخصوبة بجامعة كولومبيا، وزملاؤه خمس سنوات في تطوير تقنية “ستار”، التي تعتمد على مجهر متصل بكاميرا عالية السرعة، يلتقط أكثر من 8 ملايين صورة لعينة واحدة خلال أقل من ساعة، للبحث عن خلايا منوية لا تُرى بالعين المجردة.
ويقول ويليامز: “كأنك تبحث عن إبرة وسط ألف كومة قش، لكنك تجدها في أقل من ساعة، بلطف ودقة، دون أي تأثير ضار على الخلية”.
وأضاف: “حتى إذا كان لدى المريض اثنان أو ثلاثة فقط من الحيوانات المنوية حرفيًا فيمكننا باستخدام هذه التقنية اكتشافها واستغلالها في التخصيب”.
في تجارب سابقة على نفس التقنية، فشل فنيون مهرة في العثور على أي خلايا منوية بعد يومين من الفحص اليدوي، لكن نظام “ستار” نجح في العثور على 44 خلية خلال أقل من ساعة.
وتشير تقارير إلى أن العديد من مراكز الخصوبة في الولايات المتحدة بدأت بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي ليس فقط لرصد الحيوانات المنوية، بل أيضًا لتقييم جودة البويضات، وفحص الأجنة قبل الزرع. ورغم أن المجال لا يزال في بداياته، فإن الذكاء الاصطناعي يبدو واعدًا بشكل خاص في معالجة حالات العقم الذكوري النادر.
كما طور فريق كندي آخر نموذجًا مشابهًا للذكاء الاصطناعي لتسريع عملية البحث اليدوي عن الحيوانات المنوية لدى المرضى المصابين بانعدام الحيوانات المنوية، وهو ما يعزز التوجه نحو تبني هذه التقنيات عالميًا.
وتعليقًا على استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، قالت الدكتورة سيفان هيلو، اختصاصية العقم لدى الرجال في “مايو كلينك”، والتي لم تشارك في الدراسة: “الذكاء الاصطناعي مثالي لهذا النوع من التحديات، لأنه يتعلّم من الصور والأنماط الدقيقة، ويستطيع تمييز خصائص الحيوان المنوي بدقة تفوق العين البشرية”.