احتضنت جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة، نهاية الأسبوع، ندوة دولية حول العلاقات المغربية البريطانية تحت عنوان “الروابط المغربية البريطانية”، من تنظيم مركز الدراسات الإسلامية بجامعة كامبريدج، بشراكة أكاديميةٍ مع قسم الدراسات الآسيوية والشرق أوسطية بالجامعة.
تأتي هذه المبادرة الأكاديمية في سياق رؤية مغربية واعية تروم دعم الريادة العلمية للمغرب عبر دبلوماسية أكاديمية نشطة، تسعى إلى تعزيز سمعته الدولية من خلال خلق نقاشات علمية رفيعة المستوى داخل أعرق الجامعات العالمية، وإبراز العمق التاريخي والثقافي والاستراتيجي للعلاقات المغربيةالبريطانية ضمن مقاربات أكاديمية متوازنة ورصينة.
جمعت هذه الندوة نخبة من الأكاديميين والباحثين المغاربة، إلى جانب نظرائهم البريطانيين المنتمين إلى جامعات بريطانية مرموقة، من بينها جامعة كامبريدج، وجامعة أكسفورد، وجامعة إدنبرة، مما أضفى على النقاش طابعا علميا متعدد الزوايا، وأسهم في إغناء الحوار حول التحولات الراهنة وآفاق التعاون المستقبلي بين المملكتين.
تندرج هذه الندوة ضمن الدينامية الأكاديمية التي يقودها مركز الدراسات الإسلامية بجامعة كامبريدج، الرامية إلى تشجيع البحث العلمي المتخصص في التفاعلات التاريخية والثقافية بين بريطانيا والعالم الإسلامي، مع تركيز خاص على التجربة المغربية بوصفها نموذجا تاريخيا غنيا في بناء علاقات دولية متوازنة ومستدامة.
في هذا الصدد، قال الدكتور أمين صوصي علوي، رئيس الوفد المغربي باحث في مجال الإعلام والقضايا الجيوسياسية، إن الندوة الدولية حول العلاقات المغربية البريطانية شكّلت محطة علمية ناجحة بكل المقاييس، سواء من حيث مستوى التنظيم أو غنى النقاشات التي عرفتها جلساتها المختلفة.
وأوضح رئيس الوفد المغربي، في تصريح لهسبريس، أن الندوة شهدت نقاشات عميقة ومتنوعة لامست جوانب متعددة من العلاقات المغربيةالبريطانية، وأسهمت في تقديم قراءات أكاديمية متقاطعة تعكس تعقيد هذه العلاقات وامتدادها التاريخي والاستراتيجي.
وأضاف أن الأوراق العلمية التي قدّمها الأكاديميون البريطانيون المشاركون عبّرت بوضوح عن قوة وعمق العلاقات التي تجمع بين المملكتين العتيدتين، وهي علاقات تمتد لأزيد من ثمانية قرون، منذ عهد الدولة الموحدية، مع التنويه بالروابط التاريخية والثقافية بوصفها دعائم صلبة لتجديد التعاون وتطويره مستقبلا في مختلف الميادين.
وأشار المتحدث إلى أن هذه المقاربات الأكاديمية أسهمت في تجاوز الصور النمطية التي قد تؤثر أحيانا في التمثلات المتبادلة وفي فهم النخب والشعوب بالعالمين المغربي والبريطاني، مبرزا أهمية المعرفة التاريخية والثقافية في بناء شراكات أكثر توازنا وعمقا.
ومن الجانب المغربي، أكد رئيس الوفد أن مداخلات الباحثين المغاربة أغنت النقاش من خلال مقاربات علمية شاملة، غطّت أبعادا استراتيجية واقتصادية وتاريخية وثقافية وأنثروبولوجية وإعلامية، وتميّزت بدقة في تشخيص القضايا ذات الأولوية في البحث الأكاديمي المشترك بين الجانبين، وبوعي بأهمية الاستفادة من دروس التاريخ في تطوير العلاقات الثنائية بما ينسجم مع التحولات والمتغيرات الجيوسياسية الراهنة.
وختم رئيس الوفد المغربي تصريحه بالتأكيد على أن هذه الدينامية الأكاديمية تكتسي أهمية خاصة في ظل تزايد التقارب المغربي البريطاني بعد مرحلة “بريكست”، مما يفتح آفاقا جديدة لتعاون أعمق وأكثر نجاعة، قائم على المعرفة والبحث العلمي والحوار الثقافي.
ضمّ الوفد المغربي المشارك في هذه الندوة سبعة أكاديميين ينتمون إلى جامعات مغربية مختلفة، يمثلون تخصصات متعددة شملت التاريخ، والأنثروبولوجيا، والاقتصاد، والإعلام والاتصال، والدبلوماسية العامة. وقد تناولت الأوراق البحثية محاور متنوعة، من بينها الدبلوماسية الثقافية، والتبادل العلمي، والقوة الذكية، والتاريخ المشترك بين المملكتين، إضافة إلى آفاق التعاون الاستراتيجي المغربي البريطاني في المستقبل.
وقد تنوعت المداخلات العلمية؛ إذ قدّم الدكتور أمين صوصي علوي مداخلة حول “القوة الذكية ودبلوماسية المستقبل: تعزيز العلاقات المغربيةالبريطانية”، فيما تناولت الدكتورة فاطمة الزهراء صوصي علوي موضوع “الذكاء الثقافي وتبادل المعرفة بوصفهما قوة ناعمة في العلاقات المغربيةالبريطانية”، وناقش الدكتور بدر كنون “الجسور غير المرئية: إعادة رسم الحضور المغربي في بريطانيا من خلال الثقافة والذاكرة”، بينما تطرق الدكتور محمد هموش إلى “تمثّلات الذات والآخر في أدب الرحلات المغربي البريطاني”.
من جهته، سلط الدكتور أحمد بن علي الريسوني الضوء على “البعثات التعليمية المغربية نحو بريطانيا خلال العهد العلوي”، في حين استعرض الدكتور يونس السباح “من طنجة إلى لندن: مسارات الرحلة في تاريخ العلاقات المغربية البريطانية”، واختتم الدكتور محمد ياسين محمدي المداخلات ببحث حول “التواصل الثقافي والإعلامي كأداة استراتيجية لتعزيز الشراكات المغربيةالبريطانية”.
المصدر: هسبريس
