تعيش مدينة بني ملال منذ أشهر على وقع فوضى متصاعدة تسبّب فيها من يُعرفون محليًا بـ”أصحاب الجيليات الصفراء”، الذين حوّلوا شوارع وأزقة المدينة إلى مواقف سيارات عشوائية، مقابل مبالغ مالية يقول مواطنون إنها تُحصّل خارج أي ترخيص قانوني أو مراقبة رسمية.
سكان وتجار في أحياء مختلفة عبّروا عن استيائهم الشديد من هذه الممارسات التي باتت تثقل كاهلهم يوميًا، مؤكدين أن تأثيرها وصل إلى أنشطتهم اليومية وحياتهم الاجتماعية، وأشاروا إلى أن استمرار هذه الظاهرة يخلق أجواءً من التوتر والضغط، ويهدد استقرار الأحياء بشكل عام، ما يستدعي تدخل الجهات المعنية لوضع حد لها بأسرع وقت.
عبد السلام (اسم مستعار)، صاحب مخبزة بالمدينة، أوضح أن عددًا من زبائنه أصبحوا يتجنبون المجيء بسبب ما وصفها بـ”الإتاوات”، الأمر الذي انعكس سلبًا على المبيعات، مردفا: “الوضع الحالي غير منطقي، فالزبون قد يدفع ثمن ركن سيارته أكثر مما يدفعه ثمن الخبز”.
من جهتها روت فاطمة، وهي موظفة في قطاع التعليم، أنها تعرضت أحيانًا لمضايقات وتهديدات عند رفضها دفع المال لركن سيارتها أمام منزلها، مضيفة: “أشعر أحيانًا بأن الفضاء العمومي أصبح ملكية خاصة، وأضطر لتغيير مكان الوقوف أو الانتظار حتى يغادروا، لتفادي الاحتكاك”.
في المقابل ربط توفيق الزبدة، مستشار عن المعارضة بالمجلس الجماعي لبني ملال، هذه الفوضى بغياب التفعيل الكامل لدفاتر التحملات المتعلقة باستغلال المواقف والأسواق وسينما فوكس، رغم المصادقة على إصلاحات مهمة، من قبيل توحيد البدلة و”البادج”، وتثبيت لوحات إشهار الثمن، وتحديد التوقيتين الصيفي والشتوي والتوقيت الرمضاني، وإقرار الوقوف المجاني في بعض المواقع.
وأكد الزبدة أن هذه الإصلاحات مازالت تواجه عراقيل، معلناً أنه وأعضاء فريق الحزب الاشتراكي الموحد قرروا التصويت ضد أي دفتر تحملات جديد ما لم تُطبّق الاتفاقات السابقة، منتقداً استمرار منح رخص استغلال الملك العمومي رغم صدور القانون 57.19 الذي يمنع ذلك.
ومن الناحية القانونية يؤكد دفتر التحملات الخاص باستغلال محطات وقوف الدراجات والسيارات والشاحنات بمدينة بني ملال برسم سنة 2025 أن الاستغلال يتم حصراً عبر المزايدة العمومية، وبعقد قانوني يمنع التنازل أو الكراء من الباطن، مع تحديد مدة سنة واحدة للاستغلال.
كما ينص الدفتر على تسعيرة مضبوطة (درهمان للسيارات الصغيرة بالمدينة، 5 دراهم بمنتزه عين أسردون، مع إعفاء سيارات الدولة والجماعة)، وتوقيت محدد يختلف بين الصيف والشتاء وشهر رمضان، وإلزامية تثبيت لوحات تعريفية واضحة بالأسعار والتوقيت.
ويخول الدفتر للمجلس الجماعي، عبر الشرطة الإدارية، مراقبة تدبير المرفق وتحرير محاضر في حال تسجيل المخالفات، مع فرض غرامات تصل إلى 1000 درهم عن كل خرق، وإمكانية فسخ العقد فوراً في حال تعدد الشكايات المبررة أو تجاوز شروط الاتفاق؛ كما يُلزم المستفيد بالتأمين ضد الأضرار، وتحمل أي خسائر أو حوادث تقع أثناء فترة الاستغلال.
وفي ظل هذه الأوضاع المتدهورة تعيد فعاليات محلية وعدد من المواطنين التأكيد على مطلبهم الحازم تفعيل منطوق دفتر التحملات بكل حزم وجدية، دون تأجيل أو تسويف، فهم يرون أن استمرار التهاون في تطبيق القانون يشجع على مزيد من الفوضى والانفلات؛ ولهذا يطالبون المجلس الجماعي باتخاذ قرار صارم يعيد النظام والهيبة للفضاء العام، ويحمي حقوق الجميع في مدينة نظيفة وآمنة ومنظمة.
المصدر: هسبريس