رغم إعلان الحكومة الصينية عن حوافز مالية جديدة تهدف إلى تشجيع الإنجاب، إلا أن شريحة واسعة من الشباب الصيني ترفض الإقبال على تكوين أسر جديدة، مشككة في جدوى هذه الإعانات وسط أعباء اقتصادية ونفسية متزايدة.
فقد أعلن مؤخرًا عن تخصيص دعم سنوي بقيمة 3600 يوان (500 دولار) لكل طفل دون سن الثالثة، في محاولة لتعزيز معدلات المواليد المتراجعة. وتأتي هذه الخطوة بعد سنوات من تطبيق سياسات صارمة كسياسة الطفل الواحد التي فرضت غرامات، وأدت إلى معاناة الكثير من الأسر.
زين لي، شاب يبلغ من العمر 25 عامًا، يرفض فكرة الإنجاب رغم هذه الإعانات، مستحضرًا معاناة عائلته التي غرمت بمبلغ ضخم لإنجاب طفل ثانٍ في التسعينات. « تكلفة تربية الأطفال اليوم هائلة، والمبلغ الحكومي لا يكفي لتغطية الحد الأدنى »، يقول لي.
تشير دراسات إلى أن متوسط تكلفة تربية طفل واحد حتى سن الـ18 في الصين يبلغ 538 ألف يوان، بينما تتجاوز هذه الكلفة في مدن كبرى مثل شنغهاي وبكين حاجز المليون يوان.
وترى إيما زانغ، أستاذة علم الاجتماع بجامعة ييل، أن هذه الحوافز « خطوة رمزية »، لكنها غير كافية لعكس التوجهات الديموغرافية المتراجعة. « الضغوط الاجتماعية والاقتصادية وغياب الثقة في المستقبل، تجعل من قرار الإنجاب عبئًا لا خيارًا ».
وتظهر ردود فعل الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي رفضًا كبيرًا للعودة إلى مفاهيم الأمومة والأبوة التقليدية، وخاصة بين النساء، اللواتي يتحملن العبء الأكبر من التربية في ظل غياب سياسات متكاملة لدعم الأسرة، مثل إجازة الأبوة، والمرونة في العمل، وحماية الحقوق الوظيفية للأمهات.
تشاو، شابة من بكين، تبلغ من العمر 29 عامًا، اختارت عدم الإنجاب رغم نجاحها المهني، مؤكدة: « بذلت مجهودًا هائلًا لأصل إلى ما أنا عليه، ولا أرى في هذا المجتمع ضمانًا لمستقبل أفضل لطفلي ».
ويترافق هذا الرفض مع تراجع الأمل في التقدم الاجتماعي، بعدما كانت الأجيال السابقة تؤمن بأن التعليم والعمل الجاد كفيلان بتحقيق حياة أفضل، وهو الحلم الذي بات اليوم بعيد المنال وسط البطالة، وتضخم العقارات، وتراجع الفرص.
في المقابل، تُواصل الحكومة الصينية الدعوة إلى الزواج والإنجاب، مؤطرة ذلك بخطاب يربط بين « الأمومة الصالحة » و »النمو السليم للأجيال القادمة »، إلا أن كثيرًا من الشابات يرين في ذلك ارتدادًا إلى أدوار تقليدية لا تواكب تطلعاتهن في المساواة والتمكين.
(وكالات)