إسماعيل عبدالله

إسماعيل عبد الله

لولا تضحيات الأشاوس بالغالي من الأرواح، وبالنفيس من الدم واللحم والعظم (الجرحى)، لما تحررنا من ربقة الحكم الظالم الباطش، وما كان لنا أن ننجز منظومة حكومية هي أمل السودانيين في الخلاص الكبير، من ظلام الهم الأكبر جبروت الحركة الإسلامية، فمن أولى واجبات الحكومة التأسيسية صون دماء الشهداء، بحصرهم واحصائهم جميعاً، ابتداءً من البدريين الذين استشهدوا بالمدينة الرياضية وطيبة وسركاب، إلى آخر شهيد بمعارك محور كردفان في الأمس القريب، من حقهم علينا أن يخلدوا بأحرف منقوشة بماء الذهب على قوائم العز والفخار، على صروح شامخة وشاهقة بالميادين العامة، والساحات الشعبية للمدن الكبرى، وأن يكون منثور على أرض هذه الميادين حبيبات القمح، التي تلتقطها حمامات السلام البيضاء صباح مساء، من الأرض الخضراء المسقية بالمياه العذبة على مدار الساعة، وأن يوثق لهم في مناهج التربية الوطنية، يليهم المفقودون الذين تركوا غصة علقم في حلوق الأمهات، لن تزول إلّا بحصولهن على خبرهم اليقين، ثم الجرحى الذين ما يزالون يشكون الأمرين، وأن الصمت دقائق حدادا على أرواح الشهداء لا يستوفيهم حقهم، ما لم تجد أسرهم الدعم المادي والمعنوي من حكومة تأسيس، وليكن أول اجتماع للحكومة بعد استكمال التشكيل مخصصاً لهذا الواجب، فالشهداء أكرم منا منزلة وصون دمهم الطاهر هو أقل ما يمكننا الوفاء به في غيابهم.

يأتي بعد الشهداء والمفقودين والجرحى، المواطنون المحرومين من الخدمات الحكومية المستحقة، ابتداءً من اصدار وتجديد الأوراق الثبوتية وتهيئة المناخ لجلوس الطلاب للامتحانات بالمراحل الدنيا والعليا، إلى إصدار العملة من بنك تأسيس الفدرالي (وليس المركزي)، وهي الحقوق المدنية التي حرمت عصابة بورتسودان السودانيين منها، ما أدى إلى ضياع ثلاث سنوات من عمر الطلاب الأكاديمي، والذي سيؤثر سلباً على مستقبلهم، وأما فيما يتعلق بالأوراق الثبوتية فإن كثير من السودانيين بدول الاغتراب، قد فقدوا وظائفهم بسبب نفاد صلاحية جواز السفر، وآخرون شردت عوائلهم بحجة أنها حواضن اجتماعية لقوات الدعم السريع، لكل ما سلف وجب على حكومة الوحدة والسلام البت في معالجة هذه المشكلات، التي نتجت عن وقوف هذه الفئات بما ملكت من اضعف الإيمان مع قوات الدعم السريع، في تصديها المشروع لطغيان دولة الظلم والبهتان، فالأولوية للشهداء والجرحى والمفقودين، ثم الطلاب والأسر والعوائل الذين تضرروا ضرراً بالغاً، أدى إلى المجازفة والمخاطرة بأرزاقهم ومستقبل أبنائهم، فالعدل أساس الحكم، المبدأ الذي آمن به رئيس جمهورية تأسيس محمد حمدان ، والذي ما فتئ يردده وهو بين أنياب الحركة الإسلامية وهي في ذروة جبروتها لا خوفاً ولا طمعاً، فاليوم جاء وقت إنزال قيم العدل إلى واقع المجتمعات التي أنهكت جراء إفرازات الحرب يا رئيس الجمهورية الثانية.

قد يسأل سائل، أين الركيزة الرابعة الأسرى؟، الجواب: مع استمرار هذه الحرب التي يخوضها أشاوس قوات الدعم السريع ضد جبناء الحركة الإسلامية الذين يقتلون الأسير، ستظل خانة هذه الركيزة الرابعة شاغرة إلى أن يثبت هؤلاء الجبناء العكس، ولا أظنهم يفعلون، لأن من يقطع أوصال المحامي الأعزل بالفأس ليس جدير بصون حياة الأسير، ذلكم المحامي المدني الذي لا يملك غير القلم وربطة العنق وبيان الحجة، ولو كان هنالك سبب واحد نصر به الرب هذه القوات المغدور بها صبيحة يوم الخامس عشر من أبريل، لكان هو استمراء العدو قتل المدنيين وأكل أحشاء الأسرى بعد سلخهم، وذبح سكان الجزيرة على خلفية العرق، وحرق قرى كردفان ودارفور بالأسلحة المحرمة دولياً، إنّ جميع هذه المخالفات غير الإنسانية لم تنجي بشار الأسد من وصمة عار هروب زعيم القوم، ولم تنقذ صدام حسين من حبل المشنقة، فالذي يريد أن يعتبر عليه بقراءة سير الطغاة الذين مروا على عالمينا العربي والإفريقي في السنوات القليلة الماضية، وعلى حكومتنا التأسيسية المباركة أن تضع على سلم أولوياتها هذه الركائز الثلاث كمصدر للحكمة والإلهام، وليس هنالك مسلك نبيل مثل أن يهب الإنسان حياته لإسعاد من يأتون

بعده، ولا أشجع من أن يتخلى عن جزء من بدنه قرباناً لله لكي يعيش أولاده حياة كريمة معافاة، غير ملوثة بكدر الدولة القديمة التي سامت شعب السودان سوء العذاب.

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

شاركها.