مع اقتراب موعد انتهاء صلاحية القرار الدولي 2231، وجهت إيران رسائل تحذيرية شديدة اللهجة، ملمحةً إلى اتخاذ خطوات غير مسبوقة، تشمل الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، ورفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى ما يتجاوز 60 في المائة، وتصنيع وتصدير أجهزة طرد مركزي متطورة، والانخراط في تعاون نووي موسّع.
ونقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، السبت، عن إبراهيم رضائي، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان، أن استمرار الضغوط الأوروبية، خصوصاً التهديدات بتفعيل «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات الأممية، قد يدفع طهران إلى مراجعة التزاماتها النووية جذرياً.
وتهدد دول أوروبية بتفعيل آلية «سناب باك» التي يطلق عليها الإيرانيون «آلية الزناد»، بموجب القرار 2231 الذي ينتهي مفعوله في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وتسمح بإعادة فرض عقوبات أممية على طهران في حال تراجعت عن الوفاء بالتزاماتها بموجبه.
وأوضح رضائي أن «الدول الأوروبية لم تُظهر منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي أي إرادة سياسية مستقلة، بل انساقت خلف ضغوط أميركية بالكامل»، مشيراً إلى فشل الآلية المالية الأوروبية «إنستكس» التي كان يفترض أن تتيح تبادلاً تجارياً مع إيران خارج إطار العقوبات.
وأضاف: «التجربة أثبتت أن التفاوض مع الأوروبيين من دون ضمانات لا طائل منه، فهم تبنّوا عملياً العقوبات الأميركية ضد إيران».
ورأى المتحدث البرلماني أن تفعيل «سناب باك» لن يغيِّر كثيراً من واقع العقوبات الحالية، قائلاً: «إيران تخضع حالياً لأقصى درجات الضغط والعقوبات الدولية. العودة إلى العقوبات الأممية لن تكون سوى تغيير شكلي، بينما الواقع لم يتغير منذ سنوات».
وأشار رضائي إلى أن بلاده تمتلك خيارات استراتيجية كثيرة لم تستخدمها بعد، مضيفاً: «إيران قادرة على رفع نسبة التخصيب إلى ما يفوق 60 في المائة، ولديها القدرة الفنية على إنتاج وتصدير أجهزة طرد مركزي من الجيل الأحدث، كما يمكنها توسيع نطاق تعاونها النووي مع أطراف متعددة».
ولفت إلى أن إيران لا تزال عضواً في معاهدة الانتشار النووي، لكنها أوقفت طوعاً تنفيذ البروتوكول الإضافي. وأضاف: «إذا استمرت الضغوط، فإن الانسحاب من المعاهدة سيُطرح على جدول أعمالنا. على الدول الغربية أن تدرك أن أي خطوة تصعيدية ستُقابَل برد حازم ومؤلم، كما أثبتت إيران في الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً».
وشدَّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الجمعة، على أنَّ الأوروبيين لا يملكون أي «أساس أخلاقي وقانوني» لتفعيل آلية «سناب باك» في مجلس الأمن، حال عدمِ تحقيق تقدم في المباحثات بشأن ملفها النووي.
كانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا قد أبلغت إيرانَ بأنَّها ستعاود فرض العقوبات عليها إذا لم تستأنف المحادثات، وتتَّخذ خطوات ملموسة حيال ذلك بحلول نهاية أغسطس (آب).

التفاوض بالقوة
في موقف متطابق، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، حسين المالكي، لوكالة «مهر» الحكومية، إن الهجوم الأخير على منشآت إيرانية كان «عملية بالوكالة من الولايات المتحدة، ونُفّذت عبر إسرائيل». وأضاف أن العملية أسفرت عن مقتل عدد من العلماء والقادة الإيرانيين، متهماً واشنطن بمحاولة تغيير قواعد التفاوض بالقوة.
وتابع المالكي أن القوات المسلحة الإيرانية ردّت بعملية دقيقة ضد قاعدة أميركية، مما دفع الطرف الآخر إلى طلب وقف إطلاق النار بوساطة دول إقليمية. وقال: «إيران وافقت على التهدئة لتؤكد للعالم أنها ليست دولة تسعى إلى الحرب، بل ترد على التهديدات فحسب».
وأكد أن أي مفاوضات مستقبلية مع الغرب تتطلب «ضمانات حقيقية»، لافتاً إلى أن الوفد التفاوضي الإيراني أبلغ بشكل واضح أن العودة إلى طاولة المفاوضات ستكون مرهونة بتعهدات صريحة بعدم اتخاذ أي إجراءات عدائية خلال التفاوض، بما في ذلك العمليات العسكرية أو فرض عقوبات جديدة.
وحذر المالكي من محاولات بعض الأطراف استغلال التصعيد لخلق اضطرابات داخلية، مشيراً إلى الهجوم الغامض الذي استهدف سجن إيفين، وقال: «الشعب الإيراني أثبت مجدداً وقوفه إلى جانب بلاده وقيادته، رغم محاولات العدو لزعزعة الاستقرار».
«ما جدوى الحوار؟»
من جهته، أكد السفير الإيراني لدى روسيا، كاظم جلالي، أن طهران لم تعد ترى أي جدوى من الحوار مع الولايات المتحدة «في ظل استمرار الأعمال العدائية وعدم تقديم أي التزامات ملموسة».
وفي تصريح صحافي تناقلته وسائل إعلام روسية، قال جلالي إن «الرأي العام الإيراني بات أكثر تشككاً إزاء فكرة التفاوض بعد الضربات الإسرائيلية والأميركية».
وأضاف أن استئناف المفاوضات «يتطلب التزاماً واضحاً من واشنطن برفع العقوبات»، مشدداً على أن إيران لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم ضمن برنامج نووي سلمي، وفقاً لفتوى المرشد الأعلى علي خامنئي التي تُحرّم تصنيع السلاح النووي.
ورفضت إيران، الجمعة، العودة إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة قبل أن تتأكَّد من وجود اتفاق عادل. وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إنَّه «من الصعب عقد أي جولة من المحادثات إلا عندما يكون الطرف الآخر مستعداً لاتفاق نووي عادل ومتوازن ومفيد للطرفين».
الشرق الأوسط
المصدر: صحيفة الراكوبة