بعد شهور طويلة من العمل والدراسة، تحل العطلة ويحل معها هوس السفر والاستجمام، فلطالما ارتبط فصل الصيف بالرحلات والتجمعات العائلية واختيار وجهات متعددة من شواطئ وجبال وغابات، الشيء الذي يجدد النقاش في المغرب حول وضعية السياحة الداخلية وتحدياتها.
لطالما كانت السياحة الداخلية ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، وتشكل فرصة مهمة لاستكشاف جماليات الوطن وتنشيط الحركة الاقتصادية في مختلف المناطق. إلا أن هذا القطاع الحيوي يواجه تحديات كبيرة في الآونة الأخيرة، أبرزها الارتفاع الملحوظ في أسعار الخدمات السياحية.
وفي الوقت الذي يعول فيه على السياحة الداخلية لدعم الاقتصاد المحلي والنهوض به، نجد موجة من التذمر في صفوف المواطنين بسبب غلاء الأسعار، ورداءة بعض الخدمات، فضلا عن تفاوت الجودة، مما يدفع البعض لتفضيل الوجهات الخارجية لقضاء العطلة.
ويعتبر الاحتكار الموسمي وارتفاع الأسعار، إضافة إلى استغلال الفضاءات العمومية بشكل غير قانوني، من بين الاختلالات البنيوية التي تساهم في غياب سياسة واضحة لضمان حق العروض السياحية في متناول الأسر المتوسطة ذات الدخل المحدود.
وفي هذا الإطار، كشف الخبير السياحي الزوبير بحوت في تصريح له لجريدة على أن سبب ارتفاع الأسعار راجع إلى الطلب الكبير على السياحة المغربية في فصل الصيف، خاصة مع تصاعد دخول مغاربة العالم الذي يتراوح مابين 48% إلى 50% تزامنا مع عملية مرحبا، لكن في المقابل وحسب قوله فالعرض يبقى ضعيفا مقارنة مع الوجهات الكبرى.
إقرأ أيضا: السياحة الداخلية.. الغلاء يلهب جيوب المصطافين وخبير: الأسعار الحالية غير مبررة
الخبير السياحي قال إن الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة السياحة كشفت عن توفر 320 ألف سرير داخل الفنادق المغربية، منها 30 إلى 40% فنادق مغلقة لكنها تحتسب، مضيفا أن القدرة الشرائية للمواطن المغربي أقل بخمس إلى ست مرات من القدرة الشرائية للسياح.
وأوضح بحوت في التصريح ذاته على أن ليالي المبيت بالنسبة للسياحة الدولية ارتفعت ب 18% سنة 2024 في مقابل 0,04% للسياحة الوطنية، وهذا مايفسر على حد قوله أن السياحة الداخلية تبقى حكرا على الميسورين.
وأكد المتحدث ذاته، أن السياحة الداخلية أصبحت ضرورة وطنية في ظل الطلب المتزايد على الترفيه في فصل الصيف، من خلال رد الاعتبار للسائح المغربي، وذلك بإعادة النظر في السياسة التسعيرية، وتشجيع الاستثمار في الفضاءات الترفيهية المتوسطة، وكذا ضمان احترام جودة العروض المقدمة.
من جهتها، أكدت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، في معرض جوابها على سؤال برلماني تقدم به عبد الرحيم بوعيدة، أن الأسعار تخضع لمبدأ المنافسة الحرة، المنصوص عليه في القانون المنظم لحرية الأسعار والمنافسة، والذي هذا يجعل ارتفاع الأسعار خلال الصيف أمرا متوقعا نتيجة لارتفاع الطلب مقارنة بالعرض المتاح.
واستعرضت الخطوات التي تتخذها الوزارة لمواجهة هذه الإشكالية الموسمية، موضحة أن الحكومة تركز ضمن خارطة طريق جديدة على تطوير المنتجات السياحية التي تلقى إقبالا متزايدا من السياح المغاربة، بهدف خلق توازن بين العرض والطلب الداخلي المتزايد.
ومن بين هذه الإجراءات، تم العمل على إقامة منتجعات سياحية تناسب القدرة الشرائية للمواطنين، إضافة إلى تعزيز جاذبية الوجهات السياحية التقليدية من خلال إعادة تأهيل المدن العتيقة وإنشاء مسارات سياحية جديدة وتنشيط الفضاءات الثقافية، بهدف توزيع الحركة السياحية بشكل أفضل وتخفيف الضغط على المدن الساحلية المشهورة خلال فترات الذروة.
وأكدت المسؤولة الحكومية، توسيع شبكة الربط الجوي داخليا ودوليا لفك العزلة عن مناطق سياحية جديدة، وتمكينها من استقبال الزوار بكفاءة، ما يسهم في خلق بدائل سياحية متعددة للمواطنين، مبرزة أن الوزارة تنظيم حملات توعوية موجهة للمهنيين بالشراكة مع الهيئات التمثيلية، لتشجيع تقديم خدمات ذات جودة مناسبة وأسعار متوازنة، تلبي تطلعات السياح المحليين وتحقق رضاهم.
المصدر: العمق المغربي