توصلت دراسة علمية حديثة، همّت أزيد من 225 أمراة عضوا في تعاونيات مغربية، إلى أن النساء المتعلمات والحضريات أكثر تمكينا من غيرهن من النساء العضوات في التعاونيات، فيما حققّت العاملات تحديدا بقطاعات مُرتبطة بزراعة الأشجار المثمرة أعلى نسب تمكين.
وكشفت الدراسة العلمية المنشورة تحت عنوان: “تمكين المرأة عبر التعاونيات الزراعية: تحليل متعدد المستويات في جهة مراكشآسفي بالمغرب”، بمجلة “Discover Sustainability” المتخصصة في أبحاث التنمية المستدامة، أن معظم النساء المشمولات بالدراسة لديهن درجات تميكن تتركز حول المتوسط البالغ 3.75 من أصل 5 ضمن مؤشر التمكين العالمي GEI.
واعتمدت الدراسة، التي أعدها عمر إيبورك وسناء حنينو، الباحثان بمختبر الابتكار والبحث في الاقتصاد الكمي والتنمية المستدامة بجامعة القاضي عياض بمراكش، على مؤشر التمكين العالمي” (GEI) لقياس التمكين عبر خمسة أبعاد رئيسية: صنع القرار الشخصي، وصنع القرار الاقتصادي، وصنع القرار الأسري، وحرية التنقل، والمشاركة في الأنشطة المجتمعية؛ وذلك عبر مسح ميداني انتهى بتحليل بيانات 225 عضوا من 52 تعاونية بجهة مراكش آسفي”.
وفي هذا الصدد أظهرت نتائج المسح الميداني “وجود اختلافات كبيرة في مستويات التمكين بين الأنشطة التعاونية المختلفة في المناطق الريفية المغربية، وخاصة في منطقة مراكشآسفي، إذ أظهرت النساء العاملات في زراعة الأشجار (مثل الزيتون والأشجار المثمرة) أعلى مؤشر للتمكين”، أي 4.3403.
وعلى النقيض من ذلك “سجلت النساء العاملات في تربية المواشي أدنى مؤشر تمكين (3.5077)”. وأوضح الباحثان أنه “رغم كون هذا النشاط متجذرا بعمق في الموروث الثقافي لمناطق مثل الحوز؛ إلا أنه يواجه تحديات جسيمة”، ضمنها “الطبيعة المجهدة جسديا والمكثفة عماليا لهذا النشاط”، و”العوائد المادية المتدنية التي تحد في صنع القرار الاقتصادي”، و”محدودية الوصول إلى الدعم البيطري والأسواق والتقنيات المحفّزة للإنتاجية”.
كما كشفت الدراسة عن تباينات في مستويات التمكين بين الوسطين الحضري والقروي الريفي، ففي مدينة مراكش سُجّل مؤشر تمكين 4.38، وأشارت إلى أن “نساء التعاونيات في هذا الوسط الحضري يستفدن من بيئات منظمة تدمجهن في الأنظمة التعليمية والاقتصادية والاجتماعية، ومن مشاركتهن الفاعلة في التنمية المجتمعية”، إلى جانب “تحقيق استقلال اقتصادي عبر وصول أسهل إلى الموارد والأسواق”.
ويأتي ذلك في غضون مواجهة النساء في المناطق الريفية، مثل الحوز (مؤشر تمكين يبلغ 3.63) تحديات أكثر تعقيدا، تشمل “محدودية البنية التحتية”، و”المعايير الثقافية الراسخة التي تقيّد حركتهن وفرص تمكينهن الاقتصادي”، إلى جانب “حصر إمكاناتهن ضمن الأدوار التقليدية”.
في سياق متصل، وبعد أن نبّه الباحثان إلى أن “التعليم يعد عاملا أساسيا في تمكين المرأة”، لفتا إلى نتائج البحث الميداني، الذي يوضح تحقيق “النساء الحاصلات على شهادات جامعية أعلى مؤشر تمكين (4.06)”. وأضافا أن “هذا يسلط الضوء على الإمكانات المحورية للتعليم في تمكين النساء من مواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية، والدفاع عن حقوقهن، والمشاركة الفعالة في عمليات صنع القرار”.
وشدد المصدر نفسه على أن “الفجوة الكبيرة بين النساء المتعلمات وغير المتعلمات تؤكد الحاجة إلى سياسات تعطي الأولوية للتعليم الجيد للفتيات والنساء في المناطق المحرومة”.
وفي هذا الصدد “يجب أن تضمن هذه السياسات أن يكون التعليم ليس متاحا فحسب، بل أيضاً مُمكناً، مع مناهج دراسية تراعي الفوارق بين الجنسين وتؤكد على القيادة وريادة الأعمال والتفكير النقدي لتوسيع فرص المرأة”، في منظور الباحثين سالفي الذكر.
جدير بالذكر أن “جهة منطقة مراكشآسفي تكتسي أهمية كبيرة في المشهد التعاوني الفلاحي المغربي؛ حيث تمثل 20% من إجمالي التعاونيات على المستوى الوطني”، كما أوردت الدراسة.
وتابع المصدر نفسه بأن “الجهة تضم عددا كبيرا يصل إلى 3,363 تعاونية فلاحية عاملة، منها 93% تعمل بنشاط”. ومن بين هذه التعاونيات “تدار 810 تعاونيات بشكل حصري من قبل النساء؛ ما يؤكد الحضور والدور الكبير للقيادات النسائية في هذا القطاع”.
المصدر: هسبريس