شهدت مدينة السمارة، مساء أمس الجمعة 27 يونيو الجاري، حادثا عدوانيا خطيرا تمثل في سقوط خمس مقذوفات بالقرب من حي “الوحدة لازاب”، دون أن تسفر عن أي خسائر بشرية أو مادية، وفق ما أفادت به السلطات المحلية.
وخلف هذا الهجوم حالة من الاستنكار في الأوساط المدنية والسياسية والحقوقية المغربية، خاصة وأن المعطيات الأولية تشير إلى انطلاق هذه المقذوفات من المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني، الذي تنشط فيه عناصر جبهة “البوليساريو” الإنفصالية.
وفي هذا السياق، اعتبر الحسين بكار السباعي، المحامي والباحث في الهجرة وحقوق الإنسان، والخبير في نزاع الصحراء المغربية، أن هذا الاعتداء يعد “عملية إرهابية واضحة المعالم” من تنظيم جبهة “بوليساريو” الإرهابي، ويعكس بجلاء التحول الخطير في ممارسات الجبهة، التي لم تعد تلتزم بمنطق العمل السياسي.
وأشار السباعي، في تدوينة نشرها على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك، إلى أن المقذوفات الخمسة التي سقطت بمحيط المدار الحضري للسمارة، وتحديدا قرب “لازاب”، لم تخلف أي خسائر بشرية أو مادية، لكنها تشكل “عملية إرهابية من تنظيم بوليساريو الإرهابي”.
وأوضح أن “المعطيات الأولية تؤكد انطلاق هذه المقذوفات من شرق الجدار الأمني، وتحديدا من المناطق العازلة، التي تعد منطلقا تقليديا لتسللات وانتهاكات عناصر بوليساريو، في تحدّ صارخ لكافة المواثيق الدولية والقرارات الأممية المرتبطة بوقف إطلاق النار”.
وأبرز الخبير المغربي أن هذا “الفعل العدواني الذي يحمل بصمات ميليشياوية إرهابية واضحة يعكس حالة الارتباك والاختناق التي تعيشها الجبهة الانفصالية، بعد أن ضاقت بها الدوائر إقليميا ودوليا، وتقلّصت هوامش تحركها السياسي والدعائي، لا سيما في ظل الدينامية المغربية المتصاعدة لاستكمال السيادة الترابية وتوسيع الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء”.
وأضاف أن “هذا التصعيد يعتبر مؤشرا على أن بوليساريو لم تعد تتحرك ضمن منطق العمل السياسي، بل باتت تتبنى تكتيكات إرهابية شبيهة بتلك التي تعتمدها التنظيمات المسلحة في منطقة الساحل، وهو ما يعزّز الطرح المغربي الذي يدعو إلى تصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية عابرة للحدود”، وفق تعبيره.
كما لفت السباعي إلى أنه “من غير المستبعد أن تسرّع هذه العملية من وتيرة التحولات الجوهرية في مقاربة المجتمع الدولي لهذا الملف، خاصة لدى القوى الكبرى المتضررة من تمدد الإرهاب في الساحل، والتي بدأت تدرك خطر احتضان الجزائر لكيان مسلح لا يخضع لأي رقابة قانونية دولية”، على حد قوله.
وخلص المحامي والباحث المغربي إلى التأكيد على أن هذه المقذوفات “لم تطلق فقط في اتجاه مدينة مغربية، بل أُطلقت معها رصاصة حاسمة على أي ادعاء بأن بوليساريو تمثل طرفا سياسيا قابلا للتفاوض”، مشددا على أن “ما جرى يفتح الباب واسعا أمام المغرب للمضي قدما في تحصين أمنه القومي، والاستمرار في عملية إلغاء المنطقة العازلة، وإعادة قراءة اتفاق 1991، والعمل على فرض الأمر الواقع الميداني دون هوادة”.
المصدر: العمق المغربي